للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«السيدُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى»: أي: السيادة الكاملة لله تعالى، وأن الخلق جميعهم عبيد له، والسيد إذا أُطْلِقَ على الله تعالى فهو بمعنى المالك والمولى والرب، وقد سبق الكلام فيما يتعلق بذلك في قوله: (لا يقول: عبدي وأمتي).

قوله: (تبارك) قال العلماء: معنى تبارك، أي: كثرت بركاته وخيراته، ولهذا يقولون: إن هذا الفعل لا يوصف به إلا الله، فلا يقال: تبارك فلان؛ لأن هذا الوصف خاص بالله.

والبركة يصح إضافتها إلى الإنسان إذا كان أهلًا لذلك، قال أسيد بن حضير حين نزلت آية التيمم بسبب عقد عائشة الذي ضاع منها: «مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ» (١)، وهو دليل على جواز قول: (هذه من بركاتك)، و (لأجلك كانت البركة)، وما سوى ذلك مما هو دارج على ألسنة الناس، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المسلم مبارك كما جاء في صحيح البخاري (٢): «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ المُسْلِمِ».

«وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشيطَانُ»: استجراه بمعنى: جذبه وجعله يجري معه؛ أي: لا يستميلنكم الشيطان ويجذبنكم إلى أن تقولوا قولا منكرا؛ فأرشدهم - صلى الله عليه وسلم - إلى ما ينبغي أن يفعل، ونهاهم عن الأمر الذي لا ينبغي أن يفعل؛ حماية للتوحيد من النقص أو النقض. وقال في النهاية: «لا يستجرينكم الشيطان»؛ أي: لا يستغلبنكم فيتخذكم جَرِيًّا؛ أي: رسولا ووكيلا (٣).


(١) أخرجه البخاري ١/ ١٢٧ رقم (٣٢٧).
(٢) (٧/ ٨٠) رقم (٥٤٤٤) من حديث ابن عمر - رضي الله عنه -.
(٣) القول المفيد (٢/ ٥١٦).

<<  <   >  >>