للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهل يتعارض النهي عن قولهم: (سيدنا) مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أنا سيد ولد آدم)؟

قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: «جرى شُرَّاح هذا الحديث على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاهم عن قول سيدنا، فحاولوا الجمع بين هذا الحديث وبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» (١)، وقوله: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» (٢)، وقوله في الرقيق: «وَلْيَقُلْ سَيِّدِي وَمَوْلَايَ» بواحد من ثلاثة أوجه:

الأول: أن النهي على سبيل الكراهة والأدب، والإباحة على سبيل الجواز.

الثاني: أن النهي حيث يخشى منه المفسدة، وهي التدرج إلى الغلو والإباحة إذا لم يكن هناك محذور.

الثالث: أن النهي في الخطاب، أي: أن تخاطب الغير بقولك: أنت سيدي أو سيدنا، بخلاف الغائب؛ لأن المخاطب ربما يكون في نفسه عجب وغلو وترفع، ثم إن فيه شيئًا آخر، وهو خضوع هذا المتسيد له وإذلال نفسه له بخلاف ما إذا جاء من الغير، مثل: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ»، أو على سبيل الغيبة، كقول العبد: قال سيدي ونحو ذلك، لكن هذا يرد عليه إباحته - صلى الله عليه وسلم - للرقيق أن يقول لمالكه: سيدي.

والذي يظهر لي أن لا تعارض أصلًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لهم أن يقولوا بقولهم، لكن نهاهم أن يستجريهم الشيطان بالغلو مثل (السيد)؛ لأن السيد المطلق هو الله تعالى، وعلى هذا فيجوز أن يقال: سيدنا وسيد بني فلان ونحوه.


(١) أخرجه مسلم ٤/ ١٧٨٢ رقم (٢٢٧٨).
(٢) أخرجه البخاري ٣/ ١١٠٧ رقم (٢٨٧٨)، ومسلم ٣/ ١٣٨٨ رقم (١٧٦٨).

<<  <   >  >>