للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وعِنْدي: لا تختَصّ بها، لقَوله تعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً} [الإسراء: ٦٠]، قَالَ ابنُ عَبّاس: "هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ" (١)؛ فدَلّ ذلك على أنّه مصْدَر الحِلْمية والبَصَريّة. (٢)

قال: وقد ألحَقُوا "رأى" الحِلْميّة بـ "رأى" العِلْميّة في التعدّي لاثنين. (٣)

قُلتُ: وجَعَلها أبو البقاء وجماعة بَصَريّة؛ فعلى هذا تتعَدّى إلى واحد، وتُنقَل بالهمزة إلى الثّاني، فيكُون الثّاني هُنا: "ليلة القَدْر". وقد انتقل على أصْله من الظرفية إلى المفعُولية؛ لأنّهم لم يروا فيها، إنّما رَأوها نفْسها، بمعنى ألْقَاهَا الله في قُلُوبهم. (٤)

وذَهَب ابنُ مالك إلى أنّ الحِلْميّة تتعَدّى إلى مفْعُولين، كالعِلْميّة. قَال ابنُ مَالك في "التسهيل": وأَلحَقُوا بـ "رأى" الحِلْميّة العِلْميّة. (٥)

وعلى هذا يكون "أُروا" اتصل به مفعوله الأوّل، و"ليلة القَدْر" المفعول الثاني، والثّالث محذُوفٌ، أي: "أُروا ليلة القَدْر موجُودة"، وفيه نَظَر؛ لأنّ "موجُودة" هي خبر عن "ليلة"؛ فينبغي أنْ يمتنع على ما رَتّبته مُفصّلًا في حَذْف أحَد مفعُولي مَا يتعَدّى إلى ثَلاثَة.


= (٢/ ٤٥)، التسهيل لابن مالك (ص ٧١)، شرح التسهيل (٢/ ٨٣)، شرح التصريح (١/ ٣٦٦)، الهمع للسيوطي (١/ ٥٣٦).
(١) صحيحُ البخاري (٣٨٨٨). وانظر أيضًا: تفسير القرطبي (١٠/ ٢٨٢)، البحر المحيط (٧/ ٧٤)، تفسير ابن عطية (٣/ ٤٦٧)، أوضَح المسالك (٢/ ٤٤، ٤٥).
(٢) انظر: البحر المحيط (٧/ ٧٤، ٧٥)، إرشاد السّاري (١٠/ ١٣٠)، أوضح المسالك (٢/ ٤٤، ٤٥)، شرح التصريح (١/ ٣٦٦).
(٣) انظر: إرشاد الساري (١٠/ ١٣٠)، أوضح المسالك لابن هشام (٢/ ٤٤، ٤٥)، شرح التصريح (١/ ٣٦٥، ٣٦٦).
(٤) انظر: إرشاد الساري (١٠/ ١٣٠).
(٥) انظر: التسهيل (ص ٧١)، شرح التسهيل (٢/ ٧٦، ٨٣)، شرح التصريح (١/ ٣٦٥)، أوضح المسالك (٢/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>