للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفسر هذا التقدير حكاية ما وَقَع التخاصم فيه.

قوله: "كما يعض الفَحْل": "الكاف" نعت لمصدر محذوف، أي: "أيعض أحدكم أخاه عضًّا مثل ما يعض الفحل؟ ". وقيل: "الكاف" حال من مصدر مفهوم من الفعل المتقدّم، محذوف على السّعة، فيكون التقدير: "أيعض أحدكم أخاه العض مثل. . .؟ "، فـ "العض" مصدر مفهوم من "عض"، أضمر، ثم حذف على السعة.

قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا دية لك": "لا" نافية، و"دية" مبني مع "لا"، ومحلّ "لا" مع اسمها رفع بالابتداء. والخبر في المجرور، أو محذوف على مذهب الأكثرين، فتكون "لك" في محلّ صفة، والتقدير: "لا دية كائنة لك موجودة" أو غير ذلك.

وتقدّم الكلام على "لا" النافية، وحكمها مع اسمها وخبرها في الحديث الأوّل من "باب التيمم".

[الحديث التاسع]

[٣٤٣]: عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا جُنْدُبٌ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَمَا نَسِينَا مِنْهُ حَدِيثًا، وَمَا نَخْشَى أَنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلكُمْ رَجُلٌ بِهِ جُرْحٌ، فَجَزِعَ، فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ، فَمَا رَقَأَ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ. قَالَ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ-: عَبْدِي بَادَرَنِي بِنَفسِهِ، فحَرَّمْت عَلَيْهِ الْجَنَّةَ" (١).

قال الشّيخ تقيّ الدّين: "رقأ الدم"، "يرقأ، بفتح "الراء" و"القاف" والهمز. (٢)

قلت: و"الجرح" بفتح "الجيم" وضمّها، كـ "القَرح" و"القُرح". فالفتح المصدر، والضّم: "المكان المجروح". و"جزع" بكسر "الزاي". و"حز" بالحاء المهملة


(١) رواه البخاري (٣٤٦٣) في أحاديث الأنبياء، ومسلم (١١٣) في الإيمان.
(٢) انظر: إحكام الأحكام (٢/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>