للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحدِيث الثّالِث:

[٢٣٣]: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: "ارْكَبْهَا". قَالَ: إنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ: "ارْكَبْهَا".

فَرَأَيْتُهُ رَاكِبَهَا، يُسَايِرُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -.

وَفِي لَفْظٍ: قَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ: "وَيْلَكَ"، أَوْ: "وَيْحَكَ" (١).

قال الشّيخُ تقيّ الدِّين: كَلمَة "وَيْلَك" تُستعْمَل في التغليظ على المخَاطَب. وفيها ههُنا وَجْهان: -

أحدهما: أنْ تجري على هَذا المعنى، وإنما استحَقّ صاحِبُ البَدَنة ذلك لمرَاجَعَته وتأخّر امتِثَاله لأمْر الرّسُول - صلى الله عليه وسلم -؛ لقَول الرّاوي: "في الثّانية أو الثّالثة".

والثاني: أنْ لا يُراد بها موضُوعها الأصْلي؛ ويكُون مما جَرَى على لسَان العَرَب في المخَاطَبَة مِن غَير قَصْد (٢)، كما قيل في قَوله - عليه السلام -: "تَرِبَتْ يَمِينُكِ" (٣)، و"أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ" (٤)، وكما في قول العَرَب: "وَيْلَه" ونحوه. (٥)

[قَالَ ابنُ الأثير: "الوَيْلُ": "الحُزْنُ"] (٦) و"الهَلَاك" و"المشَقّة". وقَد يَقَع "الوَيْل" بمَعْنى "التعَجّب"، كقَولِه - عليه السلام -: "ويلُ أُمِّهِ، مِسْعَرُ حَرْبٍ" (٧)


(١) رواه البخاري (٢٧٥٥) في الوصايا، ومسلم (١٣٢٢) في الحج.
(٢) أي: "من غير قصد لموضوعه"، كما في إحكام الأحكام (٢/ ٨١، ٨٢).
(٣) متفقٌ عليه: البخاري (١٣٠) من حديث أم سلمة، ومُسلم (٣١٠/ ٢٩) من حديث أنس. وفي صحيح مسلم (٣١٣/ ٣٢) بلفظ: تَرِبَتْ يَدَاكِ" من حديث أم سلمة.
(٤) صحيح: مسلم (١١/ ٩)، من حديث طلحة بن عُبيد الله.
(٥) انظر: إحكام الأحكام (٢/ ٨١، ٨٢).
(٦) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(٧) صَحيحُ البخاري (٢٧٣١)، مِن حَديثِ المِسْوَرِ بن مَخْرَمَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>