للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا، والحمد لله الذي جعل اللفظ دليلًا على المعنى، وزيّنه بالنحو زينة لا تفنى حتى يفنى، وألهمني أن جعلتُ ما علّمني منه في المحلّ الأسنى، من حديث رسوله النبي الأمي الأرحم بنا إذ دنا فكان قاب قوسين أو أدنى، صلى الله عليه عدد كلماته التامات، صلاة دائمة بدوام الأرض والسموات.

[وبعد] (١): فهذا آخر ما بلغ إليه جهدي، وانطلق به سعدي؛ لخدمة أحاديث الرسول، التي جعلها الله تعالى لأمته أمَنَة من الضلال، وميّز بها الحرام من الحلال، قرَن الله ذلك [بالقبول] (٢)، وستر الغفلة منى والذهول، فإنّي وضعته لمبتدئ في هذه الصناعة، أو منته طالب منها زيادة، فرُبّ حامل فقه إلى مَن هو أفقه منه، فأطلتُ النّفَس في بسط قواعد العربية، واستخرجت غرر فوائدها الكُلية، وأطلتُ فيها النّفَس أيضاحا لمن به اقتبس وجواهره التمس، ولم أمَلّ من تكرار إعراب وإن لم يُثنّ بإغراب ليتمرّن المبتدئ ويتبيّن المنتهي مَقصدي، فإن تركتُ الإعادة لم أترك الإحالة، فلتُنظر في مكانها الذي أشير إليه من [مظانها] (٣)، فإنني خَلُصت إلى التحقيق من معاني الحديث خلوصًا، فكُلّ شرح عمل عليه ينظُر إليه شوسًا (٤)، حتى حقّقت للواقف عليه من الإعراب مُراده؛ فليجعله بتوفيق الله عتاده، فقد أحللتُ حِمَى حَرَام قواعد العربية، وجَلَوتُ جمالها بالجزئية والكُلية، بعد أن سَبق همتي تصحيح نيتي، وعملتُ على أن لا سآمة ولا كآبة، فابتدأتها بالحمد وبه ختمتها، فتمّت مُفتحة أبوابها، مغلولة تشكيكاتها، وسننتُ سُنة حَسنة لم أسبق إليها.

فمن اتهم مقالي فلينظر إلى ذلك بعين الإنصاف، ويخف في فعله وقوله مَن لا يَخاف ويُخاف، رزقني الله منصفًا، وبالحق لأهله معترفا، وأسأله المغفرة إذا ضاقت المعذرة، فقد يغفل الجنان ويزل اللسان، جعله الله لي ما حييت نورًا منشورًا، وفي الآخرة من عذابه حجابا مستورا، وسميته: "العُدّة في إعراب العُمْدَة"، وغفر لمن وقف عليه فأصلح ما رأى من الزلل وسد عني الخلل وعذرني فأنا ممن اعترف وما اعتذر. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

وكان الفراغ من تبييضه وتهذيبه [ق ٢٣٣] يوم الأربعاء، العاشر من شهر جمادى الأولى من شهور سنة خمس وستين وسبعمائة. وصلى الله على سيدنا محمد وآله.

وقد فهرستُ ما في الكتاب من المسائل المتفرقة في أبوابه والألفاظ الغريبة المتخللة بين [قرائن] (٥) إعرابه، ورتّبتها على حروف المعجم ليسهل تناولها لمن طلبها، وينتفع بها مِن هذا الكتاب مَن أرادها مِن الأدَباء والطّلاب، ومَا لم أنبه عليه اقتصارًا أو اختصارًا يجده مَن احتاج إليه، ومِن حِينه يقف عليه، وجمهور نفعها عند تفسير الكتاب العزيز، أو غامض إعراب يحتاج الطالب إلى تحريره، والوقوف على


(١) بياض بالأصل. والمثبت من (ب).
(٢) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(٣) بالنسخ: "مضان".
(٤) الشَّوَس: النظر بمؤخّر العين تكبرًا أو تغيظًا. انظر: لسان العرب (٦/ ١١٥).
(٥) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>