للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُستأنَفًا، و"لا" نَافِيَة؛ فهُو خَبرٌ بمَعْنى النّهي. ويحتمل الجزْم بـ "لا" النّاهِيَة، والرّواية الرّفْع، أي: "لا تعضد"، وإنّما قُدّر فيه مَعْنى النّهي لأنّ خَبَر الله لا خُلْف فيه، وقَد وُجِد العضد والتنفير.

قوله: "وَلَا يَلْتَقِطُ لُقْطَتَهُ": باليَاء المثنّاة مِن تحْت. و"لُقْطَتَه" مفعُولٌ واجبُ التقْديم؛ لأنّ الفَاعِلَ وَقَع بعْد "إلّا" (١).

قوله: "إلّا مَن عَرّفَهَا": الاستِثْنَاءُ مُفرغ؛ لأنّ "مَن" فَاعِل "يَلْتَقِط"، أي: "إلّا شَخْصٌ عَرّفَها"؛ فتكُون "مَن" نَكِرَة مَوْصُوفَة.

ويحتَمَل أنْ تكُون مَوصُولَة، أي "إلّا الذي عَرّفَها"، ويكُون الفِعْلُ بمَعْنَى المستَقْبَل، أي: "إلا مَن يُعرّفها". أو يكُون "يَلتَقِط" بمعنى " [يتَمَلّك] (٢) "؛ فلا يحتَاجُ إلى تَقْدِير؛ لأنّك إنْ حملْت اللفْظ على ظَاهِرِه - مِن أنّه "لا يأخُذها مِن مَوضِعها إلّا مَن عَرّفها" - لم يصِحّ المعنى؛ لأنّ تعريفها إنّما يكُون بعد التقَاطِهَا، وعلى هَذا مَذْهَب مَن يقُول: [يتمَلّكها] (٣) بعْدَ التعريف. (٤)

ويحتمل أنْ يكُون المعنى: "لا يَلتَقِطُها إلا مَن نَوَى تعريفها"، وهَذَا أظْهَر.


(١) انظر: توضيح المقاصد والمسالك (٢/ ٥٩٥ وما بعدها)، شرح ابن عقيل (٢/ ١٠٠، ١٠٤)، شرح الأشموني (١/ ٤٠٤)، شرح التصريح (١/ ٤١٨).
(٢) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "يملك".
(٣) غير واضحة بالأصل. ولعلها: "بتملكها".
(٤) قال الشافعي ومتأخرو المالكية وعبد الرحمن بن مهدي وأبو عبيد وغيرهم: لا تحلّ لُقطة مكة لمن يريد أن يعرّفها سنة ثم يتملكها كما في باقي البلاد، بل لا تحلّ إلا لمن يعرّفها أبدًا، ولا يتملّكها. وقال مالك - وهو الصحيح من مذهب المالكية - والحنفية: يجوز تملّكها بعد تعريفها سنة، كما في سائر البلاد، وبه قال بعض أصحاب الشافعي. وانظر: فتح الباري (٥/ ٨٥، ٨٨)، عُمدة القَاري (٩/ ٢٢٤)، إرشاد الساري (٣/ ١٥٢، ٣٠٦)، شرح النووي (٩/ ١٢٦)، مرعاة المفاتيح (٩/ ٤٧٠)، مجمع بحار الأنوار (٤/ ٤٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>