للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحج أو العُمرة". وإنّما خَصّهم بالدّعَاء دون "المقَصّرين" -وهم الذين أخَذُوا مِن أطْرَاف شعورهم، ولم يحلِقُوا- لأنّ أكثر مَن أحْرَم مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكُن [لهم] (١) هَدْيٌ، وكَان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد سَاقَ الهَدْيَ، ومَن معه هَدْي فإنّه لا يحلِق حَتَّى ينحَر هَدْيَه، فلمّا أمر مَن ليس معه هَدْي أن يحلِق ويُحِلّ وَجَدوا في أنفسهم مِن ذلك، وأحَبّوا أن يأذَن لهم في المقام على إحْرَامهم حَتَّى يُكْمِلُوا الحَجّ، وكانت طَاعَة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أوْلى [بهم] (٢)، فلَمَّا لم يكُن لهم بُدّ مِن الإحْلال كَان التقصير في نفوسهم [أخَفّ] (٣) مِن الحَلْق؛ فمالَ أكثرهم إليه، وكَان فيهم مَن بادَر إِلَى الطّاعَة وحَلَق ولم يُراجِع؛ فلذلك قَدّم المحَلّقين وأخَّر المقَصِّرِين. (٤)

قوله: "قالوا: يا رَسُولَ اللَّه، والمقَصِّرين؟ قَالَ: والمقَصِّرين": هَذَا معطُوفٌ على محذُوف، تقديره: "يا رَسُولَ اللَّه، قُل: اللَّهُمَّ ارْحَم المحلّقين والمقصرين". ويحتمل أن يكُونوا أرادوا "واو مَعَ" لا "واو العَطْف فقالوا: "يا رسول اللَّه مع المقصِّرين". والأوّل أظهَر؛ لأنه في الآخرة أجابهم بطِبْق سُؤالهم. (٥)

وانظر كيف قَالوا أوّل مُرَّة: "والمقَصّرين يا رسُولَ اللَّه" وفي الثّانية: "يا رسُولَ اللَّه والمقَصِّرين"، فقَدَّموا "المقَصّرين" في أوّل سُؤَالهم، وأخَّروهم في المرّة الثّانية، وهَذا فيه [ضَرْبٌ] (٦) من التلطّف ودَفْع المعَارَضَة؛ لأنّهم في الأولى قدّموا ما هُم عليه


(١) كذا بالنسخ. وفي "النهاية": "معهم".
(٢) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب)، وهو ما في "شرح المشكاة للطيبي" (٦/ ٢٠٠٩). وفي "النهاية لابن الأثير" (١/ ٤٢٧): "لهم".
(٣) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).
(٤) انظر: النهاية لابن الأثير (١/ ٤٢٧). وراجع: شرح المشكاة للطيبي (٦/ ٢٠٠٩) مرقاة المفاتيح (٥/ ١٨٣٠)، لسان العرب (١٠/ ٦٠).
(٥) راجع: شرح المشكاة للطيبي (٦/ ٢٠٠٩)، مجمع بحار الأنوار (٤/ ٢٨٠).
(٦) غير واضحة بالأصل. والمثبت من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>