للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ صَاحبُ "العُمْدة": إنَّما رَدّه عَليه؛ لأنّه ظَنّ أَنَّه صِيد لأَجْلِه، والمحْرِمُ لا يَأكُل مَا صِيد لأَجْلِه. (١)

وقَالَ الشّيخُ تقيّ الدّين: حمل على أنّه كَان حَيّا، ويدلُّ عليه تبويب البُخَاري (٢). ويرُدّه ما ذُكر مِن الرّوايَات من قَوله: "عَجُز حمار" و"شِقّ حمار"؛ فإنّها قَويّة في الدّلالة على كَون المهْدَى بعضًا غير حَي؛ فيحمَل "حمارًا وَحْشيًا" على المجَاز وتسمية البعض باسم الكُلّ، أو فيه حَذْف مُضَاف. (٣)

قُلْتُ: يُريد: يُقَدّر: "أهْدَى بعض حمار وَحْشي"، وفيه ضَعْفٌ.

قَوله: "إنّا لم نَرُدّه عَليْك إلّا أنّا": "إنّ" الأولى مكْسُورة؛ لأنّها في ابتداء الكَلَام. و"أنّ" الثّانية مفتُوحَة؛ لأنّه حُذف منها "اللام" التي للتعليل، أي: "إلّا لأجْل أنّا حُرُم" (٤)؛ فتكُون "أنّا" في محلّ مفعُول لَه.

قوله: "لم نَرُدّه": قَالَ الشّيخُ تقيّ الدّين: المشهورُ عند المحَدِّثين فيه فتْحُ "الدّال". وهو خِلاف مَذْهَب المحقّقين مِن النُّحَاة، ومُقتضى مَذهَب سيبويه فيه الضّم، وكَذلك في كُلّ مُضَاعَف مجزُوم أو موقُوف اتّصَل به ضَمير المذَكّر. وذلك مُعلّل عندهم بأنّ "الهاء" حرفٌ خَفي، فكأنّ "الواو" تالية "الدّال"؛ لعَدَم الاعتِداد بـ "الهاء"، ومَا قبل "الواو" يُضَمّ، وعبّروا عن ضَمّتها بالاتباع لما بعدها.

وحُكي في مثل الأوّل الموقُوف لُغَتَان أُخْرَيان، [إحداهما] (٥): الفَتْح، الثانية:


(١) هذا ثابت في نُسخة "العُمدة" (ط المعارف، ص ١٢٥)، وكذا في متن العُمدة المطبوع مع "الإعلام" لابن الملقن (٦/ ٤١٠).
(٢) بوّب الإمام البخاري (٣/ ١٣) له في صحيحه بعنوان: "بَابٌ: إِذَا أَهْدَى لِلْمُحْرِمِ حِمَارًا وَحْشِيّا حَيًّا لَمْ يَقْبَلْ".
(٣) انظر: إحكام الأحكام (٢/ ١٠٢).
(٤) انظر: إحكام الأحكام (٢/ ١٠٢).
(٥) بالنسخ: "أحدهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>