للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الركبان" في محلّ نصب، أو في محلّ جرّ، على الخلاف بين سيبويه والخليل (١).

قوله: "وأن يبيع حاضر": معطوفٌ على "أن تُتلقى". والفعلان منصوبان بـ "أن"، والأوّل مبنيٌّ لما لم يُسمَّ فاعله، وعلامة النصب فتحة مُقدّرة.

قال ابن الأثير: "الحاضر": "المقيم في المدن والقرى"، و"البادي": "المقيم بالبادية". والمنهيُّ عنه: أن يأتي البدوي البلدة ومعه قوتٌ يبغي التسارع إلى بيعه، فيقول له الحضريُّ: "اتركه عندي لأغالي في بيعه". فهذا الصنيع محرّم؛ لما فيه من الإضرار بالغير (٢).

قلت: وهذا التفسير خلافُ تفسير ابن عباس.

وهاهنا سُؤالٌ: إن قيل: لِمَ جاء "تُتلقى" مبنيًّا للمفعول، "وأن يبيع" مبنيًّا للفاعل، ولم يجئ الكلام: "أن يَتلقى حاضرٌ باديًا" ولا "أن يُباع لبادٍ

والجواب: أنّ التغليظ في تلقي الركبان جاء أشدّ منه في بيع الحاضر للبادي، حتى قيل: يُفسَخ البيع؛ فأتى الفعلُ مبنيًّا ليفيد معنى التشديد، وذلك أنّ قولك: "افعل ما قيل لك" أبلغ من قولك: "افعل ما قلتُ لك".

قالوا: ومنه قوله تعالى: {وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ} [الحديد: ٨]، قُرئ بالوجهين (٣). قالوا: وبالبناء أبلغ.

قوله: "ما": استفهامية في محلّ رفْع بالابتداء، والخبرُ المستفهمُ عنه، وهو


(١) انظر: شرح الكافية الشافية (٢/ ٦٣٤).
(٢) انظر: النهاية لابن الأثير (٥/ ٦).
(٣) قرأ الجمهور: "وقد أخذ" مبنيًا للفاعل، "ميثاقكُم" بالنصب. وقرأ أبو عمرو "أُخِذ" مبنيًا للمفعول، "ميثاقُكُم" رفعًا. وانظر: البحر المحيط لأبي حيان (١٠/ ١٠٢)، الحجة في القراءات السبع (ص ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>