ولكنه أراد -صلى اللَّه عليه وسلم- تخصيص كُلّ نوع بالخبث.
وقد يتوقّف الحكم في الذي يُجمع بالعطف على المجموع، لا على إفراده، كقولك:"إن دخل الدارَ زيدٌ، وعمرٌو، وبكرٌ، فلهم درهم". فلا يستحق مَن دخل منهم الدار على انفراده الدرهم، ولا شيئًا منه حتى يدخل مع قرينيه (١).
ولهذا نظائر من الكتاب والسنة.
فيتبين بذلك أنّ وصف كُلّ صنف في الحديث بـ "الخبث" له معنى زائد على العطف من غير تَكرار العامل.
قلت: ومن هذا ما ابتلى به قُرّاء الحرم الشريف، فإنّ غالب عيشهم ورزقهم من وظائف يوقَف عليها أوقاف، ويشترط الواقف أن يكون عشرة أو ثلاثة يقرءون جميعًا في وقت واحد متراسلين، متفقين في مخارج الحروف والكلمات، فيتخلف من الوظيفة بعضُ مَن هو مِن الجماعة، ويحضر بعضُهم؛ فيقرأ مَن حضر، فيختل بذلك العدد المشروط والهيئة الاجتماعية، وعلى هذا لا يستحق مَن حضر وقرأ ما شُرط له؛ لتخلُّفِ الشرط. وهذه بلية عظيمة، ومحنة جليلة، لَطَفَ اللَّهُ بنا، ولا واخذنا، وقد أفتى بذلك جماعة من العُلماء لم تحضرني أسماؤهم، واللَّه أعلم.