للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الشروط".

و"في كتاب اللَّه" يتعلّق بالخبر، أي: "ليست موجُودة في كتاب اللَّه".

قوله: "كلُّ شرطٍ": "كلُّ" مبتدأ متضمن معنى المجازاة، ولذلك دخَلت "الفاء" في الخبر؛ لأنه لا يجوز دخول "الفاء" في الخبر عند البصريين إلَّا إذا تضمّن المبتدأُ معنى الشرط، وذلك في موضعين: في الاسم الموصول بفِعل، أو ظرْف، والنكرة الموصوفة بهما، نحو: "الذي يأتيني فله درهم"، أو "الذي يأتيني في الدار فله درهم". وكذلك: "كُل رجل يأتيني فله درهم"، أو: "كُلّ رجُل في الدار، أو عندك، فله درهم" (١).

فـ "كُلُّ" هُنا لتضمّنها معنى الشّرط دخَلت "الفاء" في خبرها، وهو قوله: "فهو باطلٌ"، وقد تمَّ شرْطها بالصّفة في قوله: "ليس في كتاب اللَّه". وقد تقَدّم حُكم "كُلّ" إِذَا أضيفَت إلى نكِرَة في الحديث الأوّل من الكتاب.

قوله: "وإنْ كَان مائةَ شرطٍ": يحتمل أنْ يكُون معنى ذلك: "وإن أكَّد شرطه بتكراره مائة مرة"؛ فالتأكيد لا يُؤثر تحليلًا؛ لأنّه ليس في كتاب اللَّه.

والمراد: "أنّه ليس في كتاب اللَّه، ولا في سُنة رسُوله"؛ لأنّ "السّنة" في "كتاب اللَّه"؛ لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]، وقد نهى رسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن هذا الشّرط.

ويحتمل أن يكُون المراد: "وإن كان مائة شَرط قد اشتهرت بين الناس وشاعَت حتى صارَت بينهم عَادَة، كما كان الولاء واشتهاره، فهي كُلها باطلة".

وتحديده ذلك بـ "مائة شرط" لا مفهُوم له؛ لأنّ العَدَد لا مفهوم له (٢).


(١) انظر: شرح المفصل (٢/ ٢٤٢)، (٤/ ٢٨، ٥١٧)، شرح الكافية الشافية (٣/ ٣٧٣)، مغني اللبيب (ص ٢٦٨، ٥٨٣)، الهمع (١/ ٤٠٣، ٤٠٥، ٤٠٧).
(٢) انظر: فتح الباري لابن حجر (١/ ٥٣٧)، إرشاد الساري للقسطلاني (١/ ٤٤٦)، (٤/ ٧٠، ٣٣٢، ٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>