للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث من أوّل الكتاب. وأمّا "وقعت": فمُضارعه: "يقع"، وأصله: "يَوْقِع" (١)، وكان حقّه أن يقول: "يَقِع" بكسر "القاف" في المضارع، كـ "يعد"، و"يجب"، و"يصل"، وهذا لازِم لما كان فاؤه واوًا (٢).

والجواب عما وقَع مفتوحًا، مثل: "يقع" و"يهب" و"يضع": أنّ الكسرة فيه مُقدّرة، والفتحة فيه عَارضة (٣)، وقد بسَطتُ القَول في ذلك في شرحي لقصيدة كعب المسمّى بـ "شفاء الفؤاد من بانت سعاد" عند قوله:

لَا يقَعُ الطّعْنُ إلّا فِي نُحُورِهِم ... . . . . . . . . . . (٤)

ومعنى "وقعت الحدود": أي: "نصبت بالقسم بين الشركاء".

وأتى بهذه العبارة -وإن كان نفس القسْم يمنع الشفعة وإن لم يقع حَد، ولم تصرَّف طريق- لأنّ كُل مقسوم لا بدّ له من حدّ يحده، وعلامة تعيّنه وتميزه، فعبر بـ "وقع" عن ذلك، لا [علي] (٥) حقيقة البناء والنصب. أو يكون "وقعت" بمعنى: "بنيت" و"نزلت"، نحو قوله تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} [الواقعة: ١] (٦)، فالشّفعة منتفية.


(١) انظر: شرح شافية ابن الحاجب (٣/ ٩٢).
(٢) انظر: المقتضب (١/ ٨٨)، المنصف لابن جني (ص ٢٠١).
(٣) قال ابن مالك: "وأمّا الفتح لأجل حرف الحلق فمسموع في كل لغة في أفعال محفوظة، كوقع يقع، ووضع يضع، وودع يدع، وكنأى ينأى، ونهى ينهى، وسعى يسعى، ورعى يرعى، ولحا يلحى، ومحا يمحى". انظر: شرح التسهيل (٣/ ٤٤٦)، والمقتضب (١/ ٨٨)، المنصف لابن جني (٢٠١).
(٤) صدر بيت من البسيط، وهو لكعب بن زهير، وعجزه: "وما لهم عن حياض الموت تهليل". انظر: المعجم المفصل (٦/ ٣٤٩).
(٥) غير واضحة بالأصل. وفي (ب): "على". والمعنى يستقيم بما أثبتناه.
(٦) انظر: البحر المحيط (١٠/ ٧٥)، والكشاف (٤/ ٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>