للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك هنا: "أحدهما"؛ لأنه جزء جوابها حين قُلت: "مهما يكن من شيء فأحدهما لا يستتر"، فالجزء الأوّل "أحدهما" والثاني: "لا يستتر من البول".

فتقديم المبتدأ بعد "أمّا" إنما فُعِلَ ليكون عوضًا عن "يكن" المحذوفة مع متعلّقها.

وتأخير "الفاء" في الخبر كراهية أن تلي "الفاء": "أمّا"؛ فإنها شرط، والشّرطُ لا يليه جزاؤه.

وسواء كان المتقدّم من خبر جوابها مرفوعًا -كقولك: "مهما يكن من شيء فزيد مُنطلق"، فتقول: "أمّا زيد فمُنطلق"- أو منصوبًا، نحو: "أمّا يوم الجمعة فزيد منطلق"، أي: "مهما يكن من شيء فزيد منطلق يوم الجمعة". (١)

قال أبو حيان: "أمّا" عبر بأنها حَرف تفصيل، وجعلها بعضهم حرف إخبار. وبنو تميم يُبْدلون "الميم" الأولى "ياء"؛ فيقولون: "أَيْمَا".

ومما فصل به بينها وبين "الفاء" قولهم: "أما بعد فزيد ذاهب"، على أن "بعد" معمول بـ "ذاهب"، وفاقًا لسيبويه وأبي عثمان، خلافا للمُبَرِّدِ وابن دَرَسْتَوَيْهِ. ولا يُفصل بمعمول خبر "ليت" ولا "لعل"، نحو: "أما بعد فليت -أو: فلعل- زيدًا ذاهب" (٢). انتهى من "المجيد".

وجعل الفاكهاني "أمّا" من قولهم: "أمّا أنت منطلقًا انطلقت" بمعنى "كان"؛ لأنها اقتضت اسمًا وخبرًا (٣)، وإنما ذلك و "كان" المحذوفة؛ لأنّ أصل الكلام: "لأجل


(١) انظر: الجنى الداني (ص ٥٢٢)، وشرح المفصل (٥/ ١٢٥)، وشرح ابن عقيل (٤/ ٥٢)، وشرح التصريح (٢/ ٤٢٩).
(٢) البحر المحيط (١/ ١٩٢).
(٣) انظر: رياض الأفهام (١/ ٢٣٥ وما بعدها)، وجامع الدروس العريبة (٢/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>