للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخصوم، لا بالنسبة إلى كل شيء، فإن للرسول عليه السلام أوصافًا أخرى كثيرة (١).

قوله: "وإنما يأتيني الخصم": "إنما" هنا للحصر التام، ولكن يحتاج إلى مقدر يتم به معناه، ويكون التقدير: "وإنما يأتيني الخصم لأقضي له بالحق"، ويبين هذا الحذف قوله: "ولعلَّ بعضكم أن يكون أبلغَ من بعض"، ويُروَى: "ولعلَّ بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض" (٢)، والمعنى واحد.

و"لعلَّ" من أخوات "إن"، وتقدم الكلام عليها في الحديث السادس من "الاستطابة"، وفي أول حديث من "العدة"، وفي الثاني من "الوصايا"، و"بعضكم" هنا اسمها، و"أن يكون" في محل خبرها.

فإن قلت: كيف يكون خبر "لعل": "أنْ" المصدرية، والمصدر لا يكون خبرا عن الجُثَّة؟

فالجواب: أنَّ "أنْ" وصلتُها في حكم جملة؛ لاشتمالها على مسند ومسند إليه، ولذلك سدَّتْ مسدَّ مطلوبَيْ "حَسِبَ" و"عَسَى" في نحو قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} [البقرة: ٢١٤]، وقوله: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا} [البقرة: ٢١٦].

قال ابنُ مالك: ويجوز أن تكون "أنْ" زائدة في قول الأخفش أنها تكون زائدة، وإن كانت ناصبة، ونظَّرَها بزيادة "الباء" و"مِن" مع عملهما الجرَّ (٣).

ومثل هذا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث الجريدتين: "لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا" (٤).

وتقدّم الكلام على "بعض" قريبًا.


(١) انظر: إحكام الأحكام (١/ ٦٠).
(٢) متفق عليه: رواه البخاري (٢٦٨٠)، ومسلم (٤/ ١٧١٣).
(٣) انظر: شواهد التوضيح (ص ٢٠٧).
(٤) متفق عليه: رواه البخاري (٢١٦)، ومسلم (٢٩٢/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>