للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: يريد -والله أعلم- أنّ المؤمنين كلهم رفيق له من جهة أنهم مُصدِّقون له -صلى الله عليه وسلم- مُؤمنون به، ولكن منازلهم على حسب أحوالهم وأعمالهم، فمنهم من خلفه عَمله عن منزلة غيره، ومنهم من قَدّمه عمله، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُلحقه بـ "الرفيق الأعلى" منهم، وهو بمعنى "العالي من المنزلة".

وقوله: "ثلاثًا": مصدر؛ لأنه عَدَد "مرّات". و "مرات": جمع "مرة"، و "مرة" مصدر. وقيل: "مرّة" ظرف؛ فيكون "ثلاثًا" ظرف (١).

قولها: "قَضَى": نحبه، أو يكون بمعنى "تُوفي" اللازم.

قال في "الصّحاح": "قضى نحبه" "قضاء"، أي "مات". (٢)

وقال الفرّاء: قوله: {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ} [يونس: ٧١]، بمعنى: "امضوا إليّ"، كما يُقَال: "قضى فلان" أي: "مات ومضى". (٣)

قال ابنُ الأثير: قال الأزهري: "القضاء" في اللغة على وجوه مرجعها إلى "انقطاع الشيء وتمامه".

ومنه: "القضاء" [المقرون] (٤) بـ "القَدَر".

والمراد بـ "القَدَر": "التقدير"، وب "القضاء": "الخلق"، كقوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: ١٢]، أي: "خلقهن".

و"القضاء والقَدَر" أمْرَان مُتلازمَان لا ينفكّ أحدهما عن الآخر؛ لأنّ أحدهما بمنزلة الأساس، وهو "القَدَر"، والآخر بمنز لة البناء، وهو "القضَاء"، فمَن أراد


(١) انظر: البحر المحيط (٥/ ٤٧٦)، ونتائج الفكر (ص ٣٠٠).
(٢) انظر: الصحاح (٦/ ٢٤٦٣).
(٣) انظر: معاني القرآن للفرّاء (١/ ٤٧٤)، والصحاح (٦/ ٢٤٦٤).
(٤) بالنسخ: "المعروف".

<<  <  ج: ص:  >  >>