للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: إنَّما قال في قولِه تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ} [البقرة: ٢٦٩]: إنّ الجواب مُسْتَقْبِلَ وإن كان لفظه ماضيًا، لأنّ فعل الشرط وقع مستقبلًا لفظًا ومعنى؛ فترتب عليه جوابه، بخلاف الأمثلة التي ذكرها بعد.

وأمَّا قولُه: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤]: فالجوابُ ماض بما ثبت من سبب الآية (١).

قولُه: "وفي لفظ: وإن لم ينزل": أي: "رُوي في لفظ"، فيتعلق به حرف الجر، وجوابه: "فقد وَجَب الغسل"،

ولَمَّا كانت "الفاء" تقتضي السببية في جواب الشرط حُكم في اللفظ باستقبال الجواب؛ لأنّ المسبب لا يقع إلَّا بعد السبب؛ ولذلك قالوا في قولِه تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} [التوبة: ٦٣] (٢): إنه جواب الشرط؛ لوجود السببية بما اقتضته"الفاء"، أي"بسبب المحادة استحق نار جهنم" (٣).

وقوله: "وإن لم: أمّا "لم" فتقدم الكلام عليها في الثالث من "باب المذي"، وأمّا "إنْ": فهي حرفٌ ثنائي وضعًا، وأصله الشرط، كمَا جَاءَ هنا، ويجيء للنفي، كقوله تعالى: {إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ} [الملك: ٢٠]، أي: "ما الكافرون". (٤) وفي


(١) راجع: التحرير والتنوير (٢٨/ ٣٥٠)، إرشاد العقل السليم لأبي السعود (٨/ ٢٦٧).
(٢) في الأصل ذكرت الآية بدون قولُه تعالى: "ألم".
(٣) انظر: تفسير القرطبي (٨/ ١٩٠)، التبيان في إعراب القرآن (٢/ ٦٤٩)، البحر المحيط (٥/ ٤٥١ وما بعدها)، اللباب لابن عادل (١٠/ ١٣٤)، (١٩/ ٤٣٩)، الكتاب (٣/ ١٣٣)، شرح التسهيل (٢/ ٢٢، ٢٣). وراجع: التحرير والتنوير لابن عاشور (١٠/ ٢٤٦)، وإرشاد العقل السليم لأبي السعود (٨/ ٧٨).
(٤) انظر: البحر المحيط (١/ ١٦٤)، المغني (ص/٣٣)، وشرح الفصل (٥/ ٣٩، ١٤٨)، والإنصاف في مسائل الخلاف (٢/ ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>