للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: وهو الغَالِبُ عليها، التشبيه، وإنما يكُون ذلك إذا كان خبرها اسمًا جامدًا، نحو: "كَأنّ زيدًا أسَدٌ".

بخلاف: "كأنَّ زَيدًا قائمٌ"، أو: "في الدّار"، أو: "عندك"، أو: "يقُوم"؛ فإنّها في ذلك كُلّه للظَّنّ، وهذا (١) القسْم الثّاني من أقسامها.

والتشبيهُ بها أبلَغ منه بـ"الكَاف"؛ لأنّها أكثرُ حُروفًا، ولأنّها مُرَكّبة من "الكَاف" وزيادة، ولأنّ "أنَّ" مَعَها تُشْعِر بالتأكيد في "الكَاف"، ولأنَّ الكَلامَ مَعَها مَبنى على التشبيه؛ لوقوعها في صَدْر الجُمْلة لَفْظًا وتقْديرًا، وتشبيهُ "الكَاف" [طار في] (٢) أثناء الكَلام.

الثاني من أقسامها: التحقيق، نحو قولهم:

فأَصْبَحَ بَطْنُ مَكَّةَ مُقْشَعِرًّا ... كَأنَّ الأرْضَ لَيْسَ بِهَا هِشَامُ (٣)

أي: "لأنّ الأرضَ ... ".

الثالث: "أنّ" الكَافَ للتعليل، و"أنّ" للتوكيد، فهي كَلمتان، لا كَلِمَة، ونظيره: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [القصص: ٨٢].

الرابع: التقريب، قاله الكُوفيون، وحملوا عليه: "كأنّك بالشِّتاءِ مُقبلٌ"، و"كأنّك بالدّنيا لم تكُن". (٤)


(١) أي: "كونها للظن".
(٢) كذا بالنسخ. ولعل الصّواب: "صار في".
(٣) البيتُ من الوافر، وهو للحارث بن خالد، أو الحارث بن أمية، قاله في هشام بن المغيرة المخزومي، وكان جوادًا مطعامًا، وكانت قُريش قد أرَّخَت بموته. انظر: ثمار القلوب في المضاف والمنسوب للثعالبي (ص ٢٩٨)، ربيع الأبرار للزمخشري (٣/ ٢٦٤)، المعجم المفصل (٧/ ١٣١).
(٤) اشتبه على "ابن فرحون" هنا المعنى الثاني والثالث، فما ذكر "ابن فرحون" لها هو خمسة =

<<  <  ج: ص:  >  >>