للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحلّ مجرورها في قولك: "ربّ رجل صالح عندي" رفع على الابتداء، لأنّ التقدير: "رجل صالح عندي". ومحلّه في نحو: "رب صالح لقيته" رفعٌ أو نصبٌ، كما في قولك: "هذا لقيته"، فالرّفع على الابتداء، والخبر: "لقيته"، والنّصب على إضمار فعل، أي: "لقيتُ رجُلًا صالحًا لقيته"، فتكُون الجملة مفسِّرة.

قال ابنُ هشام: وزَعَم الزّجّاج وموافقوه أنّ مجرورها لا يكون إلّا في محلّ نصب. قال: والصّواب ما قدّمناه (١).

وفي "رُبَّ" ستة عشر لُغة: ضم "الراء" وفتحها، وكِلاهما مع التشديد، ومع التخفيف، والأوْجُه الأربعة مع "التاء" ساكنة أو متحرّكة، ومع التجرد منها، فهذه اثنا عشر، والضّم والفتح مع إسكان "الباء"، وضمّ الحرفين مع التشديد ومع التخفيف ومع التجرّد منهما (٢).

و"ربَّ" هنا موصولة بـ "ما"؛ فلذلك لا عَمَل لها، والكَلامُ بعدها مُستأنَف.

قوله: "ثُم سَلّم": يحتمل أن يكون المعنى أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كَمل السّجدتين، لم يذْكُر الرّاوي سَلامه من سَجْدتي السّهو؛ فقال الرّاوي، وهو ابنُ سيرين: "فرُبّما سألُوه"، يعنى "سألوا أبا هريرة"، بمعنى أنه لم يتحقّق سُؤال أصحاب أبي هريرة لأبي هُريرة قبل أنْ يخبر أبو هُريرة بسَلام النبي، فأتى بـ "رُبّ" بمعنى تقليل ذلك عنده.


= ٣٣)، مغني اللبيب (ص ١٨٢)، ولسان العرب (٧/ ٥١١)، المعجم المفصل (٩/ ٢٦).
(١) انظر: مغني اللبيب (ص/ ١٨٢).
(٢) انظر للاستزادة من أحكام (رب) ومسائلها: تفسير القرطبي (١٠/ ٢)، والكتاب لسيبويه (٢/ ٥٤، ٥٥)، مغني اللبيب (ص/١٧٩ - ١٨٤)، وشرح المفصل (٤/ ٤٨١ وما بعدها)، الصّحاح (١/ ١٣٢، ١٣١)، والكافية لابن الحاجب (ص/ ٥١)، وشرح التسهيل (٣/ ١٨٦)، شرح الأشموني (٢/ ١٠٤ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>