للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت:

وكلُّ أخٍ مفارقُه أخوه ... لَعَمْرُ أبيكَ إلا الفَرقدانِ (١)

فرفع "الفرقدان" بعد "إلا" في الوا جب؛ لأنه جعلها نعتًا لـ "كل" بمعنى "غير" (٢)، وهذا كان في الجاهلية (٣).

وقيل: "إلا" هنا بمعنى "الواو"، أي: "والفرقدان" (٤).

٣ - قال الهروي: وتكون "إلا" تحقيقًا وإيجابًا بعد الجحْد، كقولك: "ما قام القوم إلا زيد"، وكقوله تعالى: {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [النساء ٦٦] (٥)، و"ما مررت بالقوم إلا زيد" و"ما في الدار إلا زيد"، و"ما أعطيت زيدًا إلا درهمًا"، و "ما قُبض من زيدٍ إلا درهمٌ". فـ "إلا" في هذه المواضع تحقيق وإيجاب بعد الجحد.

٤ - وتكون بمعنى "لكن"، نحو قولك: "إنَّ لفلانٍ واللهِ مالا إلا أنه شقي"، معناه: "لكنه شقي". ومن كلام العرب: "ما نفعَ إلا ضرَّ، ولا زادَ إلا نقصَ"، تقديره: "لكن زادَ"، و"لكن نقصَ". ومنه قوله تعالى: {طه (١) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ


(١) البيت من الوافر، وهو لعمرو بن معد يكرب، أو سوار بن المضرب. والفرقدان: نجمان مضيئان بينهما قدر ذراع، يُهتدى بهما في السَّير ليلا. انظر: البيان والتبيين (١/ ٤٩٤)، الأمثال المولدة (ص/ ٥٩٩)، وجمهرة أشعار العرب (ص/ ١٤)، لسان العرب (١٥/ ٤٣٢)، تاج العروس للزبيدي (٩/ ٧٨).
(٢) انظر: شرح المفصل (٢/ ٧٢، ٧٣).
(٣) لعل المصنف رحمه الله أراد أن ينوِّه إلى خطأ المعنى الذي قصده الشاعر في هذا البيت، حيث يفهم منه أنه كان يؤمن بعدم فناء الدنيا.
(٤) انظر: الجمل في النحو (ص/١٧٧).
(٥) ويسمى استثناء غير موجب. وانظر: تفسير القرطبي (٥/ ٢٧٠)، البحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٦٩٦)، تهذيب اللغة (١٥/ ٣٠٥)، معاني القراءات للأزهري (١/ ٣١١)، المنهاج المختصر (ص / ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>