للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجملة "يوتر" يحتمل أن تكون خبرًا بعد الخبر، ويحتمل أن تكُون حالًا مُقدّرة.

قوله: "لا يجلس إلّا في آخرها": جملة منفيّة في محلّ صفة لـ "خمس". و"لا" نافية، وتقدّم الكلام على "شيء" في الثّاني من "باب المرور"، وهنا ضمير عائد على الموصوف، تقديره: "في شيء منها"، فـ "منها" تتعلّق بصفة لـ"شيء".

قوله: "إلا في آخرها": هذا الاستثناء مُفرغ؛ لأنّ حرف الجر يتعلّق بـ "يجلس". وجاز تعلّق حرْفي جرٍّ من جنس واحد بعَامل واحد؛ لأنّ ذلك على طريق البدَل، نحو: "لا أمرُّ بأحَدٍ إلا بزيد"، ومنه قوله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة ٢٥٥] (١).

وهذا الحديث يُعارضه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الليل مثنى مثنى" (٢)، فيُحمَل على بيان الجواز (٣)، أو نقول: هو مخصوصٌ بغيره من الأحاديث. والله أعلم.

وإذا جعلنا الاستثناء مُتصلًا، وقدّرنا الضّمير في قوله: "إلّا في آخرها" عائدًا على "آخر [كُل] (٤) ركعتين من جملة الصلوات": انتفى دَليل التنفل بواحِدة (٥)، ودليل جلوس الاستراحة، ولم تقَع مُعارَضَة بين الأحاديث. والله أعلم.

* * *


(١) انظر: البحر المحيط (٢/ ٦١٢).
(٢) متفقٌ عليه: البخاري (٤٧٢)، ومسلم (٧٤٩/ ١٤٥)، عن ابن عمر.
(٣) انظر: شرح النووي على مسلم (٦/ ٢٠)، وإحكام الأحكام (١/ ٣١٦).
(٤) غير واضحة بالأصل. وسقط من (ب).
(٥) انظر: سبل السلام للصنعاني (١/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>