قوله:"خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم -": تقدّم الكلام على "خطب" ومعناه وتعدّيه في الحديث الثّالث من هذا الباب.
وإنما يتعدّى "خَطَب" من "الخِطْبة" بكسر "الخاء". وأمّا من "الخُطبة" بضمّها: فيتعدَّى إذا ضُمِّن معنى "حثَّ" و"وعَظ"، فهو هنا مُتعدٍّ؛ لأنّ معناه:"حثَّنا على أفعال، أو على آداب، فقال كذا". ويدلُّك على هذا أنّه لا يُقال:"خطب زيدٌ عمْرا" إلّا بمعنى "وعظه" أو "حثَّه".
قوله:"مَن صَلى صَلاتنا": أي: "صَلاة مثل صَلاتنا"، فهو مُضافٌ لنعت مصدَر محذُوف، وكذلك:"نَسَك نُسُكَنا".
و"مَن" اسم شَرط، تقدّمت مع أقسَامها في الرّابع مِن أوّل الكتاب، ومحلّها الرّفع بالابتداء، وفعلها في محلّ جَزم بها، ويكُون الخبر في جوابها، ويحتمل أن يكون الخبر في فعلها؛ لأنّ في كُلٍّ منهما ضميرًا يعود عليها.
و"النُّسُك": يجوز فيه الضم والسكون، وقد قُرئ:"ففدية من صيام أو صدقة أو نُسْك"(١) بسكون "السّين".
قوله:"فقد أصَاب النّسك": جوابُ الشرط هنا: "فقد أصاب" إن قُدِّر "مَن صلى مثل صلاتنا" في المستقبل.
وإن قدِّر الفعل ماضيًا، أي:"من صلى هذه الصلاة معنا ونسك كنسكنا"، فالجوابُ محذوف يدلّ عليه سياق الكَلام، أي:"فذلك على سُنتنا".
وإنما لم يُجعل "فقد أصاب" جوابًا للشرط؛ لأنّ الجوابَ إذا كان ماضيًا لفظًا ومعنى، كقوله تعالى:{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ}[فاطر: ٤]، وكقوله
(١) سورة [البقرة: ١٩٦]. وانظر: تفسير القرطبي (٧/ ١٥٢)، والبحر المحيط (٢/ ٢٦١)، وتفسير ابن عطية (٢/ ٣٦٩).