للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "كذا وكذا": من الكنايات، كـ "كم"، وهما للعَدَد المبهم، فـ "ذا" اسم إشارة، و"الكاف" حرف جر، و"ذا" في موضع جر بالكاف، كما أن "ذا" من "حبَّذا" في موضع رفع مع تركيبها مع "حب"، ولذلك ظهر الجر في "أيّ" لما كانت معربة في قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ} [الحج: ٤٨].

فـ "كذا" مركب من "كاف" التشبيه واسم الإشارة، وتلزم "ذا" بعدها طريقًا واحدة، فلا تؤنث، ولا تثنى ولا تجمع، فهذا حكمها إذا رُكِّبت (١).

وقد تأتي [كلمتين] (٢) باقيتين على أصلهما، وهما "كاف" التشبيه و"ذا" الإشارية، وقد تدخلها "هاء" التنبيه، كقوله تعالى: {أَهَكَذَا عَرْشُكِ} [النمل: ٤٢] " (٣).

و"كذا" في الحديث هنا كلمة واحدة مركّبة من كلمتين، مكنيا بها عن غير عدد، كما جاء في الحديث الآخر أنه "يُقَالُ للعَبْد يَوْمَ القِيَامَة: أتَذْكُر يَوْمَ كَذَا وَكَذَا؟ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا؟ " (٤).

إذا ثبت ذلك: فقوله في الحديث: "كذا وكذا" كناية عن الحديث، أي: "جئتنا قليلًا فكثَّرْناك، وجئتنا غير منصور فنصرناك"، وما أشبه ذلك.

قوله: "ألا": هذه المخففة المفتوحة، ولها أقسام مذكورة في الثاني من "التشهد"، وهي هنا للتحضيض والعرض، كقوله تعالى: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: ٢٢]، وشرطها: أن تدخل على فِعْل (٥)، كما في الحديث والآية.


(١) انظر: شرح المفصل (٣/ ١٦٦)، وسر صناعة الإعراب (١/ ٣١٢).
(٢) غير واضحة بالأصل. والمثبت من مغني اللبيب (ص/ ٢٤٧).
(٣) انظر: مغني اللبيب (٢٤٧).
(٤) صحيح: رواه مسلم (١٩٠/ ٣١٤)، وانظر: مغني اللبيب (ص ٢٤٧، ٢٤٨).
(٥) انظر: الجنى الداني (ص ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>