للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "إلا في شعبان": حرفُ الجر يتعلّق بـ "أقضي"، والاستثناءُ مُفرغ؛ لأنّ ما قبْل "إلّا" عَمل فيما بعدها؛ وتقَدّم الكَلامُ على "إلا" المكسُورة المشَدّدة في الرّابع من "التشهّد". وجَاز أن يعْمَل ما قبْل "إلا" فيما بعْدها؛ لأنّ الكَلامَ لم يتم بدونه. أما لو تمَّ الكَلام: لم يجز. (١)

قال أبو البقاء في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} [النحل: ٤٣، ٤٤]، قال: لا يتعلّق "بالبينات" بـ "أرسلنا"؛ لأنّ ما قبل ["إلّا"] (٢) يعْمَل فيما بعْدها، إلا إذا تَمّ الكَلامُ على "إلّا" وما يليها، إلا أنّه جاء في الشِّعر:

نُبِّئْتُهُمْ عَذَّبُوا بِالنَّارِ جَارَتَهُمْ ... وَلَا يُعَذِّبُ إِلَّا اللهُ بِالنَّارِ (٣)

انتهى. (٤)


= النحويين (ص ٢٠)، جامع الدروس العربية (٢/ ١٦٥).
(١) انظر: البحر المحيط (٣/ ٢٦٥)، (٥/ ٢٩٣)، (٧/ ١٢١)، أوضح المسالك (٢/ ٢٢٢)، مُغني اللبيب (ص ٥١٦)، شرح التصريح (١/ ٤١٤، ٥٣٩)، شرح شذور الذهب لابن هشام (ص ٣٤٢).
(٢) بالنسخ: "إلا لا". والصواب المثبت. وعبارة أبي البقاء هي: "لِأَنَّ مَا قَبْلَ (إِلَّا) لَا يَعْمَلُ فِيمَا بَعْدَهَا إِذَا تَمَّ الْكَلَامُ عَلَى (إِلَّا) وَمَا يَلِيهَا، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ. . .".
وانظر: التبيان في إعراب القرآن (٢/ ٧٩٦).
قلت: وقد يصح الكلام إذا أُثبتت "لا" أيضًا، ويكون المعنى: "لأنّ ما قبل (إلا) لا يعمل فيما بعدها في حالة واحدة، وهي إذا تَمّ الكلام. . .".
(٣) البيت من البسيط، وهو ليزيد بن الطثرية القشيري. قالوا: تقدم الفاعل المحصور بـ "إلا" على المجرور بالباء، وطوى ذكر المفعول، و"هل" بمعنى "ما"، والأصل: ما يُعذّب أحد أحدًا بالنار إلا الله. انظر: أوضح المسالك (٢/ ١١٣)، شرح التصريح (١/ ٤١٧)، ضياء السالك (٢/ ٣٣)، المعجم المفصل (٣/ ٤٢٩).
(٤) انظر: التبيان في إعراب القرآن (٢/ ٧٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>