للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقويم:

اختلف الناس في دلائل معرفة الله تعالى:

فذهب عامة السلف - رحمهم الله - إلى أن معرفة الله تحصل بمطلق النظر المؤدي إليها، وهو كل ما يتوصل به إلى الاستدلال على وجود الله تعالى والإقرار بربوبيته من الأدلة النقلية، والعقلية، والفطرية، والمشاهدة (١)، ومنها: الاستدلال بالمخلوق على الخالق وبالصنعة على الصانع (٢).

وذهب جمهور المتكلمين إلى أن معرفة الله لا تحصل إلا بالنظر العقلي المؤدي إليها، وهو نظر خاص في أدلة حادثة ابتدعوها، أهمها: دليل الحدوث، ودليل الإمكان (٣).

وبما سبق يتضح أن ابن حجر رحِمهُ الله وإن وافق جمهور المتكلمين في القول بأن المعرفة كسبية نظرية، وأن الطريق إليها هو النظر إلا أنه خالفهم في دلائلها، وأنكر عليهم سلوكهم فيها غير مسلك السلف.

وهو بهذا يوافق بعض أصحابه الأشاعرة في تقريرهم لدلائل المعرفة بمطلق النظر الدال عليها، وذمهم لما عليه جمهور أصحابهم المتكلمين من تقريرها بالنظر العقلي، على اختلاف بينهم وبين السلف في سبب ذلك.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحِمهُ الله "والذامون لها [يعنى: دلائل المتكلمين] نوعان:

منهم من يذمها؛ لأنها بدعة في الإسلام، فإنا نعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدع الناس بها ولا الصحابة، لأنها طويلة خطرة كثيرة الممانعات والمعارضات، فصار السالك فيها كراكب البحر عند هيجانه، وهذه طريقة


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٦/ ٧٣) (١٠/ ١٤٧)، درء التعارض (٨/ ٦، ٨، ٤٥٦، ٤٦٨، ٥٣٣ - ٥٣٤)، الصواعق المرسلة لابن القيم (٢/ ٤٦٣ - ٤٦٤).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٢/ ٣٩٩ - ٤٠٠)، درء التعارض (٩/ ٣٢١ - ٣٢٢)، بيان تلبيس الجهمية (١/ ١٧٢ - ١٧٣).
(٣) انظر: الإنصاف (ص ١٦)، الإرشاد (ص ٣٩)، الشامل (ص ٢٣)، المواقف (ص ٢٦٦)، وشرحها (٨/ ٢).

<<  <   >  >>