للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٥ - صفة الرحمة]

يرى ابن حجر استحالة اتصاف الله تعالى بالرحمة، معللًا ذلك بكون حقيقتها العطف والميل الروحاني وهما مما ينزه الله عنه، ويتأولها بإرادة الإنعام أو بالإنعام نفسه.

يقول في ذلك: "الرحمة هي عطف وميل روحاني غايته الإنعام، فهي لاستحالتها في حقه تعالى مجاز إما عن نفس الإنعام فتكون صفة فعل، أو عن إرادته فتكون صفة ذات" (١).

ويقول في شرحه لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله كتب كتابًا فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي" (٢): "أي: أن مظاهر الرحمة غلبت مظاهر الغضب ... " (٣).

التقويم:

الرحمة صفة ثابتة لله تعالى بدلالة الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب: فقد "كرر الله تعالى التمدح بالرحمة مرارًا جَمّة أكثر من خمسمائة مرة من كتابه الكريم، منها باسمه الرحمن أكثر مائة وستين مرة، وباسمه الرحيم أكثر من مائتي مرة، وجمعهما للتأكيد مائة وست عشرة مرة" (٤)، ومن ذلك:

قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)} [الفاتحة: ٢، ٣].

وقوله سبحانه: {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ٢١٨].


(١) المنهاج القويم (ص ٧)، وانظر: فتح الجواد (١/ ٨)، حاشية الإيضاح (ص ٥)، المنح المكية (١/ ٤٤١) (٣/ ١٣٩٧)، الإيعاب (١/ ٨)، البدائع الجلية (ص ٦).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: ٢٧] (٢/ ٩٨٦) برقم (٣١٩١)، ومسلم، كتاب التوبة، باب سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه (٤/ ٢١٠٧) برقم (٢٧٥١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- به.
(٣) المنح المكية (٣/ ١٣٩٧).
(٤) إيثار الحق على الخلق لابن الوزير (ص ١٢٥).

<<  <   >  >>