للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهُ اللهُ: "وأما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده، فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة، ونزوله واستواؤه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف وأئمة الإسلام المشهورين وأهل الحديث، والنقل عنهم بذلك متواتر، وأول من أنكر ذلك في الإسلام الجهمية ... " (١).

وعليه فما قرره ابن حجر من كون قربه سبحانه المراد به القرب المعنوي المقتضي لمزيد الإنعام والمغفرة والثواب لا القرب الحقيقي باطل من وجوه، منها:

١ - أن القول بذلك تأويل، والتأويل في نصوص الصفات بهذا المعنى باطل كما سبق (٢).

٢ - أن المقتضي لهذا التأويل اعتقاد أن ظاهره يستلزم التمثيل والجسمية والحركة والانتقال، وقد سبق الجواب عنه (٣).

٣ - أن النصوص الواردة في صفة القرب والدنو كلها تدل على أن المراد بالقرب قرب حقيقي، ولم يرد في شيء منها ما يدل على كونه قربًا معنويًا.

[٤ - صفة المحبة]

يرى ابن حجر -غفر الله له- استحالة اتصاف الله تعالى بالمحبة، ويؤولها بما ينفي ظاهرها، حيث يقول:

"المشهور أن الصفات المستحيلة على الله تعالى كالرحمة والمحبة إذا أطلقت عليه المراد: مبدؤها وهو الإرادة، أو غايتها وهو التفضيل والإنعام، دون حقيقتها وهو العطف والميل النفساني ... " (٤).

ويقول في شرحه لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أخبروه أن الله تعالى يحبه" (٥):


(١) شرح حديث النزول (ص ٣١٨، ٣١٩).
(٢) انظر: (ص ٢٩٧).
(٣) انظر: (ص ٢٩٣).
(٤) فتح الإله بشرح المشكاة (ص ١٣٤).
(٥) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى توحيد الله (٤/ ٢٣٠٢) برقم (٧٣٧٥)، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل قراءة قل هو الله أحد (١/ ٥٥٧) برقم (٨١٣) من حديث عائشة -رضي الله عنهما- به.

<<  <   >  >>