للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البصرية، ومن حكى عنه القول بالرؤية البصرية فقد وهم عليه (١).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ: "لم يقل أحمد -رحمه الله تعالى- إنه رآه بعيني رأسه يقظة، ومن حكى عنه ذلك فقد وهم عليه، ولكن قال مرة رآه، ومرة قال: رآه بفؤاده، فحكيت عنه روايتان، وحكيت عنه الثالثة من تصرف بعض أصحابه أنه رآه بعيني رأسه، وهذه نصوص أحمد موجودة ليس فيها ذلك" (٢).

وأما إنكاره قول عائشة -رضي الله عنها- فالجواب عنه ما ذكره العلامة ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ حيث قال: "في رد الإمام أحمد قول عائشة ومعارضته بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إشعار بأنه أثبت الرؤية التي أنكرتها عائشة ... وهذا يدل على أحد أمرين:

إما أن يكون الإمام أحمد أنكر قول من أطلق نفي الرؤية؛ إذ هو مخالفة للحديث.

وإما أن يكون رواية عنه بإثبات الرؤية، وقد صرح بأنه رآه رؤيا حلم بقلبه، وهذا تقييد منه للرؤية، وأُطلق عنه بأنه رآه، وأنكر قول من نفى مطلق الرؤية واستحسن قول من قال رآه ولا يقول بعينه ولا بقلبه.

وهذه النصوص عنه متفقة لا مختلفة، وكيف يقول أحمد بعيني رأسه يقظة ولم يجد في حديث قط، فأحمد إنما اتبع ألفاظ الحديث كما جاءت، وإنكاره قول من قال: لم يره أصلًا لا يدل على إثبات رؤية اليقظة بعينه، والله أعلم" (٣).

[٣ - رؤية الله تعالى في الموقف]

سئل ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ عن رؤية الله تعالى في الموقف هل هي خاصة بالمؤمنين أم تشمل المنافقين والكافرين؟ .


(١) حكى القاضي أبو يعلى في الروايتين والوجهين (ص ٦٠ - ٦٨)، وإبطال التأويلات (١/ ١١١ - ١١٤) عن الإمام أحمد ثلاث روايات، الرؤبة البصرية إحداها.
وانظر: المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد للأحمدي (٢/ ١٤٥).
(٢) نقله عنه تلميذه ابن القيم في زاد المعاد (٣/ ٣٧)، وانظر: قريبًا منه مجموع الفتاوى (٦/ ٥٠٩ - ٥١٠).
(٣) التبيان في أقسام القرآن (ص ٢٦٠ - ٢٦١).

<<  <   >  >>