للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أن الغالب على من ينذر للأولياء والأموات بقصد الصدقة إن لم يكن كلهم أنهم إنما ينذرون لاعتقادهم وجود خصوصية قبول النذر عند مشاهدهم وقبورهم، وإلا فما معنى تخصيص تلك الأماكن والبقاع بذلك؟ وهذا ما يشهد به الواقع المعلوم من حالهم (١) - وقد تقدم في كلام ابن حجر ما يدل عليه- ولهذا فإن نذرهم غير صحيح.

٢ - أن النذر للميت بقصد الصدقة على فقرائه وخدامه فيه إعانة لهم على العكوف على القبور وإقرار لهم على ذلك، وهذا العكوف منكر لا يصح أن يُقرُّوا عليه، فضلًا عن أن يعانوا عليه بالنذر (٢).

وبناء على ذلك فإن الحق الذي لا محيد عنه منع النذر للميت مطلقًا والحكم بعدم صحته، لأن التقرب بذلك لا يتصور إلا بارتكاب أحد محذورين، إما الشرك بصاحب القبر وإما إقرار العاكف عنده على عكوفه وإعانته.

[٣ - السحر]

عرف ابن حجر رحمه اللهُ السحر بقوله: "السحر لغة: كل ما لَطُفَ ودَقَّ، من سَحَره إذا أبدى له أمرًا فدق عليه وخفي ...

وشرعًا: يختص بكل أمر يخفى سببه وعمل على غير حقيقته، ويجري مجرى التمويه والخداع ... " (٣).

وذكر أن السحر منه ما هو حقيقة ومنه ما هو تخييل، خلافًا لمن زعم أنه مجرد تخييل وأنه لا حقيقة له مطلقًا، حيث قال: "اختلف العلماء في أن السحر له حقيقة أم لا؟

فقال بعض العلماء: إنه تخييل لا حقيقة له؛ لقوله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: ٦٦].

وقال الأكثرون -وهو الأصح الذي دلت عليه السنة- له حقيقة؛ لأن


(١) انظر: تطهير الاعتقاد (ص ٣٣).
(٢) انظر: شرح الصدور بتحريم رفع القبور (ص ١٠ - ١١).
(٣) الزواجر (٢/ ١٠٠).

<<  <   >  >>