للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن ابن حجر لم يتقيد بما ذكره هنا حيث ادعى للنبي -صلى الله عليه وسلم- من الخصائص ما لم يثبت له، ولم يأذن به، وفيما يلي بيان ذلك:

[١ - اختصاصه -صلى الله عليه وسلم- بأنه أول النبيين في الخلق والنبوة]

يقول في ذلك: "اعلم أن الله شرف نبيه -صلى الله عليه وسلم- بسبق نبوته في سابق أزليته؛ وذلك أن الله تعالى لما تعلقت إرادته بإيجاد الخلق أبرز الحقيقة المحمدية من محض نوره ... ثم أعلمه بنبوته، وبشره برسالته، هذا وآدم لم يكن ...

روى مسلم أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء، ومن جملة ما كتب في الذكر وهو أم الكتاب أن محمدًا خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته" ...

وصح أيضًا: متى كنت نبيًّا؟ قال: "وآدم بين الروح والجسد" ...

وجاء "أنا أول الأنبياء خلقًا وآخرهم بعثًا ... " (١).

التقويم:

القول بأن نبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أول الكائنات خلقًا، وأنه متقدم على سائر الأنبياء بالنبوة قرره غير واحد من غلاة المتصوفة ومن وافقهم (٢).

وما ذكره ابن حجر -عفا الله عنه- لا يخرج عما قرروه، وهو باطل من وجوه:

الأول: أن الأدلة النقلية والعقلية والحسية كلها تدل على أن نبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- آخر الأنبياء خلقًا، وخاتمهم نبوة.

الثاني: أن النصوص الشرعية وإن اختلفت في تحديد أول ما خلق الله


(١) المولد الشريف (ص ٢٧)، وانظر: أشرف الوسائل (ص ٣٤ - ٣٧)، المنح المكية (١/ ١٣٩) (٢/ ٦٥٣)، مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- (ص ٣٤).
(٢) انظر: الفتوحات المكية لابن عربي (١/ ١٣٤)، الخصائص الكبرى للسيوطي (١/ ٧)، الإبريز للدباغ (ص ٢٥٣).

<<  <   >  >>