للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إعادة جسم آخر، لم يكن هناك ما يدعو الكفار إلى التعجب منه وإنكاره، لأنهم يرون خلق البشر يومًا بعد يوم ماثلًا للعيان، ولما صح تسميته بعثًا بل يسمى حينئذ خلقًا جديدًا (١).

وأما ما ذكره ابن حجر من كون البعث عامًا في الإنس والجن فهو حق، ويشهد له عموم الأدلة الدالة على تكليفهم.

وأما الحيوان فقد اختلف في بعثه على قولين حكاهما ابن حجر في كلامه السابق، والخلاف فيهم جار بين أهل السنة والجماعة، والراجح - والله أعلم - ما اختاره ابن حجر من بعثهم، وبعثهم للقصاص بينهم لا للحساب لعدم تكليفهم، ولهذا فإنهم يفنون بعد ذلك فلا يصيرون إلى جنة ولا نار (٢).

ثانيًا: الشفاعة:

عرف ابن حجر رحمه الله الشفاعة بقوله: "الشفاعة: هي السعي في إصلاح حال المشفوع فيه عند المشفوع إليه" (٣).

وبيّن أن الشفاعة في الآخرة خمسة أنواع، منها ما هو خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ومنها ما يشاركه فيه غيره، فقال: "الشفاعة الأخروية خمسة أنواع كلها ثابتة لنبينا - صلى الله عليه وسلم - وبعضها يختص به دون غيره، وفيما شورك فيه يكون هو - صلى الله عليه وسلم - المقدم على غيره، فالشفاعات كلها راجعة إلى شفاعته وهو صاحب الشفاعة على الإطلاق ... إذ الذي في الأحاديث أنه - صلى الله عليه وسلم - يكون في ذلك اليوم إمام النبيين وصاحب شفاعتهم فكل ما صح من شفاعتهم ينسب إليه بذلك، فلا يخرج شيء عن شفاعته لا من أنواع الشفاعة ولا من الأشخاص المشفوع لهم، من ملته ومن غير ملته؛ لأنه إذا كان صاحب شفاعة الأنبياء والكل


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٤/ ٣١٦، ١٧/ ٢٥٢ - ٢٥٣)، الفوائد (ص ١٥ - ١٦)، شرح الطحاوية (٢/ ٥٩٨ - ٥٩٩)، روح المعاني (٢٣/ ٥٧ - ٦١).
(٢) انظر: تفسير ابن جرير (١٢/ ٤٥٩)، تفسير السمعاني (٦/ ١٦٥)، تفسير البغوي (٨/ ٣٤٦)، تفسير القرطبي (٦/ ٤٢١، ١٩/ ٢٢٩)، تفسير ابن كثير (٤/ ٥٠٣).
(٣) المنح المكية (٣/ ١٣٤٥)، وانظر: العمدة (ص ٢٣١).

<<  <   >  >>