للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب (١)، منه خلق وفيه يركب" (٢).

ويستثنى من هذا الأنبياء والشهداء (٣).

وأما قوله بأن المبعوث هو الجسم الأول بعينه لا غيره فهو موافق لمذهب أهل السنة والجماعة، ومن شاركهم من الأشاعرة ونحوهم.

يقول العلامة القرطبي رحمه الله: "وعند أهل السنة أن تلك الأجساد الدنياوية تعاد بأعيانها وأعراضها بلا خلاف بينهم" (٤).

ويدل عليه:

١ - حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتقدم: "كل ابين آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب، منه خلق وفيه يركب".

٢ - حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وفيه: "كان رجل يسرف على نفسه، فلما حضره الموت قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اطحنوني، ثم ذروني في الريح، فوالله لئن قدر عليّ ربي ليعذبني عذابًا ما عذبه أحد، فلما مات فُعل به ذلك، فأمر الله الأرض، فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلت، فإذا هو قائم، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب خشيت، فغفر له" (٥).

٣ - أن الإعادة التي ذكرها الله تعالى في كتابه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في سنته هي الإعادة التي فهمها المسلمون والمشركون، وهي تقتضي إعادة المخلوق من المادة التي استحال منها بعد فنائه، ولو كان المراد بها


(١) عجب الذنب: هو العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز، وهو العسيب من الدواب، انظر: النهاية (٣/ ١٨٤).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب يوم ينفخ في الصور (٣/ ١٥٨٠) برقم (٤٩٣٦)، ومسلم، كتاب الفتن، باب ما بين النفختين (٤/ ٢٢٧١) برقم (٢٩٥٥).
(٣) انظر: فتح الباري (٨/ ٥٥٢ - ٥٥٣).
(٤) التذكرة (١/ ٢٨٤).
(٥) أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء، باب حديث الغار (٢/ ١٠٨٢) برقم (١٠٨١) واللفظ له، وأخرجه مسلم في كتاب التوبة، باب سعة رحمة الله (٤/ ٢١٠٩) برقم (٢٧٥٦) بنحوه.

<<  <   >  >>