للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - أن زعم ابن حجر براءة الإمام أحمد رحمهُ اللهُ وأجلاء مذهبه من قول الإمامين الجليلين في إثبات العلو الذاتي لله تعالى منقوض بما نقله عنه خاصة أصحابه المؤلفين في مسائله (١)، وبما كتبه بنفسه في رده على الجهمية حيث قال: "وقد أخبرنا أنه في السماء فقال سبحانه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: ١٦] ... وقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠]، وقال: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ} [الأنبياء: ١٩] ...

فهذا خبر الله أنه في السماء، ووجدنا كل شيء أسفل مذمومًا قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: ١٤٥] ... " (٢).

والمحاكمة بين شيخي الإسلام وابن حجر -عفا الله عنه- طويلة الذيل، متشعبة المسالك، وقد أفردها غير واحد بالتأليف، وليس هذا الموضع محل تفصيلها (٣).

[٢ - صفة اليمين لله تعالى]

يرى ابن حجر استحالة معنى اليمين على الله، وأن المراد بها في النصوص الكناية عن مزيد الرضا والقبول والمحبة.

يقول في شرحه لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- فإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها ... " (٤).

"اليمين هنا: كناية عن مزيد الرضا والقبول، وإعظام الجزاء؛


(١) انظر: طبقات الحنابلة (١/ ٤٣١)، إثبات العلو لابن قدامة (ص ١١٦)، اجتماع الجيوش (ص ٢٠٠)، العلو للذهبي (٢/ ١١١١)، وللاستزادة: المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد للأحمدي (١/ ٣١٨).
(٢) الرد على الجهمية والزنادقة (ص ٣٨).
(٣) انظر: جلاء العينين للألوسي (ص ٣٨٤)، وما بعدها (ص ٣٩٦ - ٤٠٢)، الكشف المبدي للفقيه (ص ٤٣١)، دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية (١/ ٢١٩).
(٤) أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب الصدقة من كسب طيب (١/ ٤٢٠) برقم (١٤١٠) ومسلم، كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب (٢/ ٧٠٢) برقم (٤٠١٤).

<<  <   >  >>