للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نقلت بعض مصادر ترجمته بعض ما عاناه في صباه وأوائل شبابه، ومنها قوله عن نفسه: "قاسيت في الجامع الأزهر من الجوع ما لا تحتمله الجبلة البشرية لولا معونة الله وتوفيقه، بحيث إني جلست فيه نحو أربع سنين ما ذقت اللحم إلا في ليلة دعينا لأكل فإذا هو لحم يوقد عليه، فانتظرناه إلى انبهار الليل -أي: منتصفه- ثم جيء به فإذا هو يابس كما هو نيء فلم أستطع منه لقمة" (١).

[ج- رحلاته]

في أثناء إقامته بمصر كان يتردد على مكة حاجًا ومعتمرًا ويجاور بها، وفي سنة (٩٤٠ هـ) قرر سكنى مكة المكرمة فقدم إليها بأهله واستوطنها إلى أن توفي سنة (٩٧٤ هـ) (٢).

وقد ذكرت بعض مصادر ترجمته (٣) سبب انتقاله من مصر إلى مكة، وعزت ذلك إلى ما وقع له بالقاهرة من تسلط بعض حساده عليه.

حيث كان مشتغلًا باختصار متن الروض في فقه الشافعية وشرحه، وقد ألحق به كثيرًا مما في كتب أهل اليمن وغيرهم، فلما رآه بعض العلماء طلبوا استنساخه فعمل أحد حاسديه على إتلافه، فحزن ابن حجر لذلك حزنًا شديدًا اعتل به، ومرض بسببه مدة من الزمن؛ فقرر حينها ترك مصر والمجاورة بمكة.

قال السيفي: "سمعت شيخنا -رحمه الله- وهو يعفو عن فاعل ذلك، ويقول: حلله الله وعفا عنه" (٤).

وفي أثناء مقامه بمكة تكررت زيارته المدينة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وفي إحداها ألّف كتابه الجوهر المنظم في زيارة القبر المكرّم (٥).


(١) مقدمة الفتاوى الفقهية (١/ ٩)، وذكر السيفي نحوه في نفاض الدرر (ل ٩/ أ).
(٢) انظر: النور السافر (ص ٢٨٩).
(٣) انظر: نفائس الدرر (ل ٣/ أ)، مقدمة الفتاوى الفقهية (١/ ١٠).
(٤) نفائس الدرر (ل ٤/ أ).
(٥) انظر: الجوهر المنظم (ص ٢ - ٣).

<<  <   >  >>