للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآخر: المعارضة:

بما تقدّم ذكره من الأدلّة الدّالّة على أنّ الفعل نفسه حسن وقبيح.

ثانيًا: الحكمة والتّعليل في أفعال الله:

يرى ابن حجر - عفا الله عنه - أنّ أفعال الله تعالى معلّلة بحكم موضّحة لأفعاله لا مترتّبة عليها.

يقول في ذلك: "أفعال الله هل تعلّل؟

قيل: نعم؛ لأنّ فعلًا لا علّة له عبث والله مُنَزّه عنه، ولأنّ القرآن مملوء من تعليل أفعاله تعالى نحو {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يونس: ٥].

وقيل: لا؛ لأنّ كلّ من فعل فعلًا لعلّة كان مستكملًا بها ما لم يكن له قبلها فيكون ناقصًا بذاته كاملًا بغيره، والنّقص على الله تعالى مُحال، ورد بمنع الكلّيّة وأنّ ذلك لا يلزم إلّا في حقّ المخلوقين.

والتّحقيق: أنّ أفعاله تعالى معلّلة بحكم غايتها تعود لنفع المكلّفين وكمالهم لا لنفع الله تعالى وكماله؛ لاستغنائه بذاته عمّا سواه، فتلك العلل حكم موضّحة لأفعاله لا أغراض باعثة عليها لأنّه تعالى مُنَزّه عن أن يبعثه شيء على شيء" (١).

التّقويم:

مسألة الحكمة والتّعليل في أفعال الله "من أجل مسائل التّوحيد المتعلّقة بالخلق والأمر، والشّرع والقدر" (٢).

والمراد بها: "هل أفعال الرّبّ تعالى وأوامره معلّلة بالحكم والغايات؟ " (٣).

وقد اختلف النّاس فيها، وتعدّدت مذاهبهم تجاهها:

فذهب الأشاعرة إلى نفي الحكمة والتّعليل في أفعال الله تعالى، وقالوا: بأنّ الفعل غير مرتّب على الحكمة بل هو محض المشيئة وصرف


(١) فتح المبين (ص ٢١٢)، وانظر: الزواجر (٢/ ٨٨).
(٢) مفتاح دار السعادة (٢/ ٤٢).
(٣) المصدر السابق (٢/ ٤٢).

<<  <   >  >>