للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومراده بذلك -والله أعلم- أن التطير المصحوب بهذا الاعتقاد يُوجِب البحث لا في كون هذا الفعل كبيرة؛ إذ لا شك في ذلك، لكن البحث في إسلام من صدر منه هذا الفعل، هل هو باقٍ معه أم أنه انسلخ منه بسبب هذا الاعتقاد؟

وهذا هو الحق، ذلك أن التطير موضع تفصيل، فإن من وصل به تطيره إلى اعتقاد وجود شركة بين الله تعالى وبين ما تطيّر به في أمر التأثير فلا إسلام له بل هو مشرك شركًا أكبر مخرجًا من الملة، وإن كان تطيره دون ذلك -كما هو الغالب على الواقعين في هذا الداء من المسلمين- من اعتقاد كون المتطير به سببًا في حصول المكروه أو علامة عليه فإن فعله هذا إنما هو من قبيل الشرك الأصغر (١).

يقول العلامة ابن القيم رحمه اللهُ: "التطير هو التشاؤم بمرئي أو مسموع، فإذا استعملها الإنسان فرجع بها من سفر وامتنع بها عما عزم عليه، فقد قرع باب الشرك، بل وَلَجَه، وبرئ من التوكل على الله سبحانه، وفتح على نفسه بابَ الخوف والتعلق بغير الله" (٢).

[١١ - الرياء]

عرف ابن حجر رحمه اللهُ الرياء بقوله: "الرياء مأخوذ من الرؤية والسمعة ... ".

وحد الرياء: "إرادة العامل بعمله غير وجه الله تعالى" (٣).

وقرر -غفر الله له- أن الرياء "قد شهد بتحريمه الكتاب، والسنة، وانعقد عليه إجماع الأمة" (٤).


(١) انظر: شرح السنة (١٢/ ١٧٠)، التمهيد (٢٤/ ١٩٥)، شرح صحيح مسلم (١٣/ ٢١٩)، مفتاح دار السعادة، فتح الباري (١٠/ ٢١٣)، تيسير العزيز الحميد (ص ٤٢١)، فتح المجيد (٢/ ٥٠٦)، النبذة الشريفة النفيسة لحمد بن معمر (ص ٦٩ - ٧٠)، الدين الخالص (٢/ ١٤٢ - ١٤٣)، القول السديد (ص ١٠٢)، القول المفيد (٢/ ٩٣ - ٩٤).
(٢) مفتاح دار السعادة (٢/ ٢٤٦).
(٣) الزواجر (١/ ٤٣).
(٤) المصدر السابق (١/ ٣٨) وانظر: (١/ ٣٨ - ٤٣).

<<  <   >  >>