للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولازمًا من لوازمها أو الغاية المقصودة منها، أو مثالًا ينبه السامع على نظيره، وهذا كثير في كلامهم لمن تأمله.

فكونه سبحانه هاديًا لا ينافي كونه نورًا، وما ذكر ... أنه بمعنى منوّر ... لا ينافي كونه في نفسه نورًا، وأن يكون النور من أسمائه وصفاته، بل يؤكد ذلك؛ فإن الموجودات النورانية نوعان: منها ما هو في نفسه مستنير ولا ينير غيره كالجمرة مثلًا فهذا لا يقال له نور، ومنها ما هو مستنير في نفسه وهو منير لغيره كالشمس والنار، وليس في الموجودات ما هو منور لغيره وهو في نفسه ليس بنور بل إنارته لغيره فرع كونه نورًا في نفسه" (١).

[٥ - صفة الصورة لله تعالى]

يرى ابن حجر أن الله عزَّ وجلَّ "لا صورة له ترى سبحانه وتعالى، وتنزه جل وعلا" (٢)، وأن قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله خلق آدم على صورته" (٣) وارد على سبب هو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلًا يضرب عبده على وجهه فقال له -صلى الله عليه وسلم- ذلك، أي لا تضربه على وجهه فإن الله خلق وجه آدم على صورة هذا الوجه وآدم أبوك، فكيف تضرب وجهًا يُشْبِه وجه أبيك؟

فالضمير لغير مذكور دلَّ عليه قرينة الحال الخارجة وهو جائز، ويصح أن يكون الضمير لله تعالى كما هو ظاهر السياق وحينئذ يتعين أن المراد بالصورة الصفة، أي: أن الله خلق آدم على أوصافه من العلم والقدرة وغيرهما ...

والحاصل: أن الحديث إن أُعيد الضمير فيه لله وجب تأويله على ما هو معروف من مذهب الخلف الذي هو أحكم وأعلم، خلافًا لفرقة ضلُّوا عن الحق وارتكبوا عظائم من الجهة والتجسيم اللذين هما كفر عند كثير من


(١) مختصر الصواعق (٢/ ١٩٩)، وانظر: الفتاوى (٦/ ٣٩٠ - ٣٩١)، تفسير سورة النور للشنقيطي (ص ١٢٨).
(٢) المنح المكية (٢/ ٦٩٣).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الاستئذان، باب بدء السلام (٤/ ١٩٥٩) برقم (٦٢٢٧)، ومسلم، كتاب الجنة، باب يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير (٤/ ٢١٨٣) برقم (٢٨٤١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- به.

<<  <   >  >>