للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: إعراب لا إله إلا الله:

يرى ابن حجر - غفر الله له - أن الخبر في لا إله إلا الله مقدر بموجود، وأن تقديره بذلك لا ينافي التوحيد بل يثبته، حيث وجه إليه سؤال عن الخبر في لا إله إلا الله هل يقدر بممكن أو موجود؛ وذلك لكون تقدير الخبر بممكن لا يلزم منه إثبات وجود الله إذ الإمكان لا يستلزم الوجود، وتقديره بموجود لا يلزم منه نفي الإمكان عن غير الله، وعلى كلا التقديرين فلا يلزم التوحيد الكامل؟

فأجاب بقوله: "لا شك أن المراد تقدير موجود لا مطلقًا، بل مع ملاحظة وجوب اتصاف وجوده بأنه واجب لذاته، أي: لا موجود وجوده واجب لذاته إلا الله، وهذا لا يرد عليه شيء.

وبفرض الغفلة عن هذا، والاقتصار على تقدير موجود فقط، يمكن توجيهه بأن يقال إن الممكن يسمى موجودًا بالقوة، فإذا قدر موجودًا انتفى وجود الألوهية بسائر اعتباراته عن غير الله، وإثباته بسائر اعتباراته لله تعالى، وحينئذ فتقديره لا ينافي التوحيد الكامل بل يثبته كما هو جلي والله أعلم" (١).

التقويم:

لَمّا كان فهم المعنى يتوقف على معرفة إعراب الجمل؛ كان الاعتناء بمعرفة إعراب لا إله إلا الله أمر مهم، وصلة ذلك بالبحث العقدي شيء متحتم.

ولهذا اعتنى العلماء بإعراب هذه الكلمة، وأفردوا المصنفات في ذلك (٢).


(١) الفتاوى الحديثية (ص ٢٧٨).
(٢) انظر: ما ذكره الدكتور محمد العروسي في مقدمة تحقيقه لرسالة التجريد في إعراب كلمة التوحيد للقاري حيث ذكر تسع رسائل في إعراب لا إله إلا الله، ومما هو مطبوع منها: رسالة مسألة في كلمة الشهادة للزمخشري، ورسالة إعراب لا إله إلا الله لابن هشام، ورسالة في لا إله إلا الله لبدر الدين الزركشي، والتجريد في إعراب كلمة التوحيد للقاري، وعجالة ذوي الانتباه في تحقيق إعراب لا إله إلا الله للكوراني.

<<  <   >  >>