للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثّالث آراؤه في التّحسين والتّقبيح، والحكمة والتّعليل في أفعال الله، وتكليف ما لا يطاق

* * *

تحدّث ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ عن التّحسين والتّقبيح، والحكمة والتّعليل في أفعال الله، وتكليف ما لا يطاق، وقرّر ما يراه فيها، وفيما يلي بيان آرائه وتقويمها.

أولًا: التّحسين والتّقبيح:

يرى ابن حجر -غفر الله له- أنّ التّحسين والتّقبيح شرعيّان لا عقليّان، وأنّه لا حكم بحسن ولا قبح ولا ثواب ولا عقاب قبل ورود الشّرع، ويردّ على من قال بخلاف ذلك، حيث يقول: "اعلم أنّ الذي قرّره وأطبق عليه الأئمّة الأشاعرة الشّافعيّة وغيرهم أئمّة النّقل والأصول والفقه أنّه لا حكم قبل ورود الشّرع، وأنّ تحكيم المعتزلة للعقل باطل، وكذا قول بعضٍ إنّ الإيمان وحده يجب بالعقل ...

فقد قامت الأدلّة المقرّرة في الأصول أنّه لا حكم قبل الشّرع، من جملتها قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥].

قال المحقّقون: معناه لا عذاب على أحد في شيء فعله إلا بعد أن تبلغه دعوة نبيّ له ولم يؤمن به، وقيل في الآية غير ذلك ولا تعويل عليه عند المحقّقين؛ لأنّ ما قلناه هو ظاهرها الذي لا يتبادر ذهن من له أدنى ذوق إلا إليه" (١).


(١) المولد الشريف (ص ٦٥).

<<  <   >  >>