للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقولهم: إن اقتضت المشيئة المطلوب فلا حاجة إلى الدّعاء. قلنا: بل قد تكون إليه حاجة، من تحصيل مصلحة أخرى عاجلة وآجلة، ودفع مضرّة أخرى عاجلة وآجلة.

وكذلك قولهم: وإن لم تقتضه فلا فائدة فيه. قلنا: بل فيه فوائد عظيمة من جلب منافع ودفع مضار كما نبّه عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل ما يُعجِّل للعبد من معرفته بربّه، وإقراره به، وبأنّه سميع قريب قدير عليم رحيم، وإقراره بفقره إليه، واضطراره إليه، وما يتبع ذلك من العلوم العليَّة، والأحوال الزّكيّة، التي هي من أعظم المطالب" (١).

وبما سبق يعلم صحّة ما ذهب إليه ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ في تقريره عدم منافاة الدّعاء للقدر، وردّه على من زعم المعارضة بينهما.

وأمّا ما ذكره من كون المقادير على قسمين مبرم ومعلّق، وأنّ المقدّرات المعلّقة يقع فيها المحو والإثبات، وهي المعبّر عنها باللوح المحفوظ.

فمتعقّب بأنّ المحو والإثبات على الصّحيح إنّما هو في المكتوب عند الملائكة، وأمَّا اللوح المحفوظ فلا يقع فيه محو ولا إثبات (٢)، وهو المراد بأمّ الكتاب في الآية (٣).

٣ - زيادة العمر بالبرّ والصلة:

ساق ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ جملة من الأحاديث الدّالّة على زيادة العمر بالبرّ والصّلة، ثم عقب عليها بقوله: "في الأحاديث أنّ صلّة الرّحم تزيد في العمر، وللعلماء فيها قولان هما:

الأوّل: أنّها زيادة حقيقيّة.

والثّاني: أنّها زيادة مجازيّة، والمراد زيادة الأعمال والبركة والآثار


(١) شرح الطحاوية (٢/ ٦٨٠ - ٦٨٢).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٥١٧، ٥٤٠) (١٤/ ٤٨٨ - ٤٩٢)، فتح الباري (٤/ ٣٠٢) (١٠/ ٤١٦) (١/ ٤٨٩)، لوامع الأنوار البهية (١/ ٣٤٩).
(٣) انظر: تفسير ابن جرير (٧/ ٤٠٣)، تفسير البغوي (٤/ ٣٢٤)، تفسير ابن كثير (٢/ ٥٧٠).

<<  <   >  >>