للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التقويم:

دلّت النصوص الشرعية على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر وأئمة المسلمين ما لم يأمروا بمعصية، منها:

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩].

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أُمِرَ بمعصية فلا سمع ولاطاعة" (١).

يقول العلامة ابن أبي العز - رَحِمَهُ اللهُ -: "دلّ الكتاب والسنة على وجوب طاعة أولي الأمر، ما لم يأمروا بمعصية، فتأمل قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩]، كيف قال: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، ولم يقل: وأطيعوا أولي الأمر منكم؟ لأن أولي الأمر لا يُفردون بالطاعة، بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله، وأعاد الفعل مع الرسول؛ لأنه من يطع الرسول فقد أطاع الله، فإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله، بل هو معصوم في ذلك، وأما ولي الأمر، فقد يأمر بغير طاعة الله، فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله.

وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا، فلأنه يترتب على الخروج عن طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور، فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاء من جنس العمل، فعلينا الاجتهاد في الاستغفار والتوبة وإصلاح العمل" (٢).

[٣ - عدم الخروج عليهم]

يقول ابن حجر - رَحِمَهُ اللهُ -: "يحرم الخروج عليه [يعني: الإمام] ولو جائرًا


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (٤/ ٢٢٣٢) برقم (٧١٤٤)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية (٣/ ١٤٦٩) برقم (١٨٣٩) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - به.
(٢) شرح الطحاوية (٢/ ٥٤٢ - ٥٤٣)، وانظر: مجموع الفتاوى (٥/ ٣٥ - ١٧).

<<  <   >  >>