للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تتم مصالحهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض؛ لأن الله أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد، والعدل، وإقامة الحج، والجمع، والأعياد، ونصر المظلوم، وإقامة الحدود، لا تتم إلا بالقوة والإمارة" (١).

وبناء على ما سبق فالحق ما رجحه ابن حجر - رَحِمَهُ اللهُ - من كون وجوب الإمامة بدلالة السمع؛ فإن العقل وإن كان يدل عليها إجمالًا، ويقضي بحسنها ابتداءً، إلا أنه لا يتعلق به أمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب - كما سبق (٢).

وأما ما ذكره عن الخوارج من القول بعدم وجوب نصب الإمام ومخالفتهم لإجماع عموم الأمة القاضي بذلك، فهو متعقب بأنه قول طائفة منهم لا جميعهم وهم النجدات، وقد تابعهم عليه نفر من المعتزلة - كما سبق - (٣).

ولا ريب أن قولهم هذا خروج عن إجماع الأمة، ومفارقة لسبيل الجماعة، وما سبق ذكره كاف في الرد عليهم وبيان تهافت قولهم.

ثالثًا: طرق انعقاد الإمامة:

يرى ابن حجر - رَحِمَهُ اللهُ - أن الإمامة تنعقد بالاستخلاف، أو البيعة، أو الغلبة.

يقول في ذلك: "تنعقد الإمامة بطرق:

أحدها: بالبيعة: كما بايع الصحابة أبا بكر - رضي الله تعالى عنهم - والأصح أن المعتبر هو بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر اجتماعهم حالة البيعة ...

وثانيها: باستخلاف الإمام واحدًا بعده ولو فرعه أو أصله، ويعبر عنه بعهده إليه كما عهد أبو بكمر إلى عمر - رضي الله عنهما - وانعقد الإجماع على الاعتداد بذلك ...


(١) السياسة الشرعية (ص ١٦١ - ١٦٢).
(٢) انظر: (ص ٦٠٣).
(٣) انظر: (ص ٦٤٣).

<<  <   >  >>