للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخوارج ونفر من المعتزلة (١).

يقول العلامة ابن حزم - رَحِمَهُ اللهُ -: "اتفق جميع أهل السنة، وجميع المرجئة، وجميع الشيعة، وجميع الخوارج على وجوب الإمامة، وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل، يقيم فيهم أحكام الله، ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاشا النجدات من الخوارج فإنهم قالوا: لا يلزم الناس فرض الإمامة، وإنما عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم" (٢).

ولهذا أجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على الاشتغال بها قبل دفن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد حكى هذا الإجماع غير واحد من أهل العلم (٣).

ولَمّا كان الاستدلال بالإجماع على وجوب نصب الإمام أظهر من الاستدلال بغيره، اعتمد عليه غير واحد من أهل العلم، وأغفلوا ما سواه (٤)، ومنهم ابن حجر - رَحِمَهُ اللهُ - في كلامه السابق.

وأما دلالة القواعد الشرعية:

فهي متقررة بقاعدتي "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، و"رعاية الشريعة لجلب المنافع ودفع المضار".

وهي ما أشار إليه ابن حجر - رَحِمَهُ اللهُ - في كلامه السابق في تقرير وجه القول بوجوب نصب الإمام.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ اللهُ -: "يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا


(١) يُعزى القول بذلك إلى عبد الرحمن بن كيسان المشهور بأبي بكر الأصم وهشام بن عمرو الفوطي من كبار المعتزلة.
انظر: مقالات الإسلاميين (٢/ ١٤٩)، الفرق بين الفرق (ص ١٦٣).
(٢) الفصل (٤/ ١٤٩).
(٣) انظر: مراتب الإجماع لابن حزم (ص ١٤٤)، الأحكام السلطانية للماوردي (ص ٥)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص ١٩)، شرح السنة للبغوي (١٠/ ٨٤)، تفسير القرطبي (١/ ٢٦٤)، شرح صحيح مسلم (١٢/ ٢٠٥)، فتح الباري (١٣/ ٢٠٨).
(٤) انظر: المصادر السابقة.

<<  <   >  >>