للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن الكتاب: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩].

فالله سبحانه أوجب على المسلمين طاعة أولي الأمر منهم، وهم العلماء والأمراء، والأمر بالطاعة دليل على وجوب نصب ولي الأمر؛ لأن الله تعالى لا يأمر بطاعة من لا وجود له، ولا يفرض طاعة من وجوده مندوب، فالأمر بطاعته يقتضي الأمر بإيجاده.

وقوله سبحانه: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: ٤٩]، وقوله: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: ٤٨].

فهذا الأمر من الله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن يحكم بين المسلمين بما أنزل الله - أي: بشرعه - وخطاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطاب لأمته ما لم يرد دليل يخصصه به، ولا دليل هنا على التخصيص فيكون خطابًا للمسلمين جميعًا بإقامة الحكم بما أنزل الله وذلك لا يتحقق إلا بنصب الإمام.

ومن السُّنّة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" (١).

وفعله - صلى الله عليه وسلم - حيث تولّى زعامة الدولة الإسلامية الأولى.

وأما الإجماع: فقد اتفق السواد الأعظم من المسلمين على اختلاف طوائفهم على وجوب نصب الإمام، ولم يشذ عن ذلك إلا النجدات (٢) من


= غياث الأمم (ص ١٥)، المقدمة الزهراء في إيضاح الإمامة الكبرى للذهبي (ص ٦٩)، تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام لابن جماعة (ص ٤٨)، إكليل الكرامة (ص ١١، ١٠٣).
(١) أخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء بييعة الخلفاء (٣/ ١٤٧٨) برقم (١٨٥١) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - به.
(٢) النجدات: فرقة من فرق الخوارج، وهم أتباع نجدة بن عامر الحنفي، من بني حنيفة من بكر بن وائل، انفرد عن سائر الخوارج بآراء عدّة، قدم مكة، واستقل باليمامة سنة ٦٦ هـ أيام أمير المؤمنين ابن الزبير إلى أن قتله أتباع ابن الزبير سنة ٦٩ هـ.
انظر: التنبيه والرد (ص ٦٧)، مقالات الإسلاميين (١/ ١٧٤)، الفرق بين الفرق (ص ٨٧)، الملل والنحل للبغدادي (ص ٦٥)، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ١٢٢)، التبصير في الدين (ص ٤٣)، اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (ص ٥٥)، البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان (ص ٢٥).

<<  <   >  >>