للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اعترف بلزوم هذه اللوازم الباطلة لمن قال بالكلام النفسي بعض أئمة الأشاعرة (١)، والتزمها قوم منهم، ونفاها آخرون بما لا يدفع لزومها.

٧ - أن القول بذلك قد أفضى إلى القول بخلق القرآن العربي -أي ألفاظ القرآن- وأنه لفظ جبريل عليه السَّلام أو محمد -صلى الله عليه وسلم- (٢)، وهو ما صرح به ابن حجر في كلامه السابق.

والقول بخلق القرآن -أي ألفاظه- هو ما استقر عليه مذهب الأشاعرة، وقال به جمهورهم، وينقضه ما أورده الأشاعرة أنفسهم على المعتزلة في قولهم بخلق القرآن؛ إذ ما أوردوه وارد عليهم، وما استشهدوا به على بطلان قولهم شاهد ببطلان قولهم أيضًا؛ فإن المعتزلة قالوا بخلق القرآن كله لفظًا ومعنى، والأشاعرة قالوا بخلق اللفظ دون المعنى، فهم متفقون على القول بخلق ألفاظ القرآن (٣)، ولهذا صرح بعضهم بكون الخلاف بينهم وبين المعتزلة خلافًا لفظيًا (٤).

وأما القول بأن ألفاظ القرآن إنما هي ألفاظ جبريل عليه السَّلام أو محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو قول لمتأخري الأشاعرة دون أبي الحسن الأشعري، وقولهم بذلك من أظهر الأدلة على بطلان القول بالكلام النفسي؛ لما فيه من مشابهة الكفار ومضاهاة المشركين الذين كانوا يقولون: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)} [المدثر: ٢٥] (٥).

ثانيًا: الرد على قوله: إن كلام الله بغير حرف ولا صوت:

قول ابن حجر -عفا الله عنه- بأن كلام الله بغير حرف ولا صوت


(١) انظر: ما ذكره الإيجي فيما نقله عنه الجرجاني في شرح المواقف ووافقه عليه (٨/ ١٠٣ - ١٠٤).
(٢) انظر: الإنصاف للباقلاني (ص ٢٧، ٣٧)، الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي (ص ٧٣)، أصول الدين للبغدادي (ص ١٠٦ - ١٠٧)، المواقف للإيجي (ص ٢٩٣)، تحفة المريد للباجوري (ص ٩٤).
(٣) انظر: مسألة القرآن لابن عقيل (ص ٥١)، المناظرة في القرآن (ص ٣٤)، الصراط المستقيم (ص ٣٨)، البرهان في بيان القرآن (ص ٥٥، ٩٦)، التسعينية (٢/ ٦١٨).
(٤) انظر: شرح المواقف للجرجاني (٨/ ٩٣)، شرح العقائد العضدية للدواني (ص ٥٨٨).
(٥) انظر: البرهان في بيان القرآن (ص ٨١ - ٨٧)، مجموع الفتاوى (١٢/ ٢٦٦ - ٢٦٧، ٣٠٧، ٥٥٧) (١٥/ ٢٢٢) (١٧/ ٦٩ - ٧٠).

<<  <   >  >>