للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مبني على قوله بأن كلام الله الذي هو صفته هو المعنى النفسي القديم القائم بذاته دون اللفظ المؤلف الحادث، وقد سبق أن قوله هذا باطل؛ ولا ريب أن ما بني على باطل فلا بد أن يكون باطلًا.

وابن حجر حينما قرر ذلك قرره تبعًا للأشاعرة الذين قالوا بقولهم هذا ليسلم لهم القول بأن كلام الله هو المعنى النفسي القديم القائم بذاته، وأنى لهم ذلك، وقد استدلوا على قولهم بشبه عقلية باطلة ظنوها أدلة عارضوا بها دلالة النقل الصحيح، وناقضوا بها دلالة العقل الصريح (١).

ولن أورد هنا ما استدلوا به، أو أناقشهم فيه؛ إذ المقام ليس مقامًا للرد على أدلتهم من جهة، ولكون أهل السنة والجماعة قد أشبعوا الكلام في هذه المسألة وردوا على المخالفين فيها بما يغني عن الإطالة من جهة أخرى (٢).

وإنما المقصود هنا مناقشة ابن حجر في قوله هذا مناقشة مجملة وفق ما ذكره هو لا ما ذكره غيره.

وعليه فيجاب عن قول ابن حجر بنفي الحرف والصوت عن كلام الله تعالى بما يلي:

١ - أن القول بأن كلام الله بصوت وحرف هو مقتضى الأدلة من الكتاب والسنة، ودلالتهما على ذلك من وجوه:

أ- أن النصوص قد أثبتت المناجاة والمناداة لله تعالى، كقوله سبحانه: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢)} [مريم: ٥٢]، ومعلوم أن المناداة والمناجاة لا يكونان إلا بصوت، والصوت لا يكون إلا بحرف (٣).


(١) انظر: الإرشاد للجويني (ص ١٢١)، الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي (ص ٧٤ - ٧٥)، المواقف للإيجي (ص ٢٩٣ - ٢٩٤)، وشرحها للجرجاني (٨/ ٩٢ - ٩٣).
(٢) انظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت للسجزي (ص ٨٠) وما بعدها، الرد على من يقول (ألم) حرف لينفي الألف واللام والميم عن كلام الله عزَّ وجلَّ لابن مندة (ص ٣١) وما بعدها، الصراط المستقيم في إثبات الحرف القديم لابن قدامة، مسألة الحرف والصوت في كلام الله د. الخميس.
(٣) انظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص ١٦٦)، مسألة القرآن لابن عقيل =

<<  <   >  >>