للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالعبادة: التوحيد، والمراد بالتوحيد: الإقرار بالشهادتين" (١).

وتعريف العبادة بالتوحيد مروي عن ابن عباس رضى الله عنهما فقد ورد عنه في معنى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)} [البقرة: ٢١] أنه قال: "قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} للفريقين جميعًا من الكفار والمنافقين؛ أي: وحدوا ربكم الذي خلقكم {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} " (٢)، ونقل السمعاني رحِمهُ الله عنه أنه قال: "كل ما ورد في القرآن من العبادة فهو بمعنى التوحيد" (٣).

ثانيًا: أنواع العبادة:

عرض ابن حجر رحِمهُ الله لنوعين من أنواع العبادة هما الخوف والرجاء وبين تلازمهما، وذكر أقوال الناس في تغليب أحدهما على الآخر، ورجح ما يراه منها.

حيث قال: "الرجاء والخوف متلازمان، فإن كل من رجا محبوبًا فلا بد وأن يخاف فوته وإلا فهو لا يحبه، فاستحال انفكاك أحدهما عن الآخر، وإن أمكن غفلة القلب عن استشعار أحدهما" (٤).

وقال: "الراجح عند أئمتنا أن الإنسان ما دام صحيحًا فليكن رجاؤه وخوفه مستويين.

وقيل: يغلب الرجاء لئلا يغلب عليه داء اليأس من رحمة الله تعالى.

وقيل: يغلب الخوف لئلا يغلب عليه داء الأمن من مكر الله.

ويرد بأنهما إذا استويا أُمِنَتْ غلبة أحدهما، فلا محذور يخشى حينئذ؛ بخلاف غلبة أحدهما فإنه يخشى من المحذور الذي في مقابله.

أما المريض فيغلب الرجاء، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يموتن أحدكم إلا وهو


(١) فتح الباري (١٣/ ٣٥٤).
(٢) أخرجه ابن إسحاق - كما في الدر المنثور للسيوطي (١/ ٨٥) -، ومن طريقه ابن جرير (١/ ١٩٦) برقم (٤٧٢)، وابن أبي حاتم برقم (٢١٦).
(٣) انظر: تفسير السمعاني (١/ ٥٦).
(٤) الفتاوى الحديثية (ص ٣٨٩ - ٢٩٠).

<<  <   >  >>