للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محسن الظن بالله" (١) أي: يظن أنه يغفر له ويرحمه" (٢).

التقويم:

الخوف والرجاء من العبادات القلبية العظيمة الباعثة على ما سواها من العبادات.

يقول الحافظ ابن كثير (٣) رحمه اللهُ: "لا تتم العبادة إلا بالخوف والرجاء، فبالخوف ينكفّ عن المناهي، وبالرجاء يكثر من الطاعات" (٤).

ولهذا وصف الله بها خواص عباده، وأثنى عليهم بتحقيقها.

قال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩].

وقال سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (٥٧)} [الإسراء: ٥٧].

وقال عز وجل: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: ١٦].

والخوف والرجاء متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر؛ إذ الخوف بلا رجاء يأس وقنوط، والرجاء بلا خوف أمن من مكر الله، وكلاهما من كبائر الذنوب (٥).


(١) أخرجه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت (٤/ ٢٢٠٥) برقم (٢٨٧٧) من حديث جابر - رضي الله عنه - به.
(٢) المنح المكية (٣/ ١٣٩٩)، وانظر: فتح الجواد (١/ ٢٢٥)، الإفادة لِمَا جاء في المرض والعيادة (ص ٥٠)، الزواجر، تطهير الجنان واللسان (ص ٩٢).
(٣) هو إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي، عماد الدين أبو الفداء، الإمام الحافظ، والمحدث المؤرخ، من مؤلفاته: تفسير القرآن العظيم، البداية والنهاية، اختصار علوم الحديث، توفي سنة ٧٧٤ هـ.
انظر: الدرر الكامنة (١/ ٤٠٠)، شذرات الذهب (٦/ ٢٣٢).
(٤) تفسير ابن كثير (٣/ ٥٣).
(٥) انظر: مجموع الفتاوى (١/ ٩٥) (١٥/ ٢١)، مدارج السالكين (٢/ ٤٣ - ٤٤) (٣/ ١٣٩)، التخويف من النار لابن رجب (ص ٢٥)، الآداب الشرعية لابن مفلح (٢/ ٣٠)، شرح الطحاوية (٢/ ٤٥٦)، فتح الباري (١/ ٣٠٧)، أضواء البيان (٣/ ٧٩ - ٨٠) (٤/ ٢٠٠).

<<  <   >  >>