للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث إعجاز القرآن]

يعرف ابن حجر - رَحِمَهُ الله - المعجزة بأنها: "الأمر الخارق للعادة، المقرون بالتحدي الدال على صدق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام" (١).

ويرى أن هذا المعنى بشروطه المقررة متحقق في القرآن الكريم، حيث يقول: "وهذه الشروط جميعًا موجودة في القرآن فكان معجزة" (٢).

ويبين وجه كون القرآن الكريم من معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - الدالة على نبوته، فيقول: "إن الشعراء والبلغاء فضلًا عن غيرهم ... في قريش وغيرهم ... أظهروا عوار عجزهم عن المعارضة، وعثار عقلهم عن المناقضة، ومن ثم كان عجزهم عن ذلك أعجب في الآية، وأوضح في الدلالة، من إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، لأن قوم عيسى لم يكونوا يطمعون في ذلك، ولا يتعاطون علمه، وقريش كان أعلى أربهم، ومنتهى طلبهم، التفنن في أفننة الفصاحة، والتنزه في رياض البلاغة ... فدل عجزهم عنه مع ذلك، على أنه إنما هو لكونه من أعلام نبوته، وبراهين رسالته ... إذ محال أن يلبثوا ثلاثًا وعشرين سنة، على السكوت عن معارضة آية منه، المستلزمة لنقض أمره، وتفريق أتباعه، وزوال شوكته، وحيازة مرتبته مع قدرتهم عليها، وطلبها منهم ... " (٣).

ويذكر أن إعجاز القرآن الكريم ليس محصورًا في وجه دون آخر،


(١) فتح المبين (ص ٢١).
(٢) المصدر السابق (ص ٢٢).
(٣) المنح المكية (٢/ ٧٩٠)، وانظر: فتح المبين (ص ٢٢).

<<  <   >  >>