للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقول: "وجوه إعجاز القرآن لا تنحصر" (١).

ويختم ابن حجر - رَحِمَهُ الله - كلامه في هذه المسألة بالرد على المعتزلة في قول بعضهم بالصِّرفة، وقول آخرين منهم بأن الإعجاز واقع بجميع القرآن لا ببعضه.

حيث يقول في الرد على القول بالصِّرفة: "القول بالصِّرفة ... للنظام (٢) من المعتزلة ... أفسدوه:

بأن قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} [الإسراء: ٨٨] دليل ظاهر على عجزهم مع بقاء قدرتهم، إذ لو سلبوا القدرة لم يبق فائدة لاجتماعهم؛ لأنه حينئذ بمنزلة اجتماع الموتى ...

وبأن الإجماع منعقد على إضافة الإعجاز إلى القرآن، والقول بالصِّرفة يلزمه إضافته إلى الله تعالى، لا إلى القرآن، وحينئذ يلزمه زوال الإعجاز بزوال زمن التحدي، وفيه خرق لإجماع الأمة أن معجزة الرسول العظمى باقية، ولا معجزة باقية أظهر من القرآن.

ويلزم الصِّرفة أيضًا أنه لا فضيلة للقرآن على غيره" (٣).

ويقول في الرد على القول بأن الإعجاز واقع بجميع القرآن لا ببعضه: "زعم بعضهم أن الإعجاز إنما هو بمجموع القرآن لا بكل سورة؛ لأن ما فيه من أنواع الإعجاز السابقة إنما يستفاد من مجموعه.

وهذه مقالة فاسدة، لا يعوّل عليها، لمنافاتها لقوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: ٢٣]، ... فالصواب خلاف هذه المقالة، بل قائلوها معتزلة لا يقام لهم وزن" (٤).


(١) فتح المبين (ص ٢٢)، وانظر: المنح المكية (٢/ ٧٩٤ - ٧٩٥).
(٢) هو إبراهيم بن سيار النظام البصري، أبو إسحاق، معتزلي متكلم، انفرد بمسائل مخزية، من مؤلفاته: الطفرة، والجواهر والأعراض، والوعيد وغيرها توفي سنة بضع وعشرين ومائتين. انظر: تاريخ بغداد (٦/ ٩٧)، سير أعلام النبلاء (١٠/ ٥٤١).
(٣) المنح المكية (٢/ ٧٩٦).
(٤) المصدر السابق (٢/ ٨٠٦ - ٨٠٧)، العمدة شرح البردة (ص ٦٠٧).

<<  <   >  >>